ورجَّح ابنُ جرير (١٦/ ٥٧٩ - ٥٨٠) صحَّةَ جميع ذلك للعموم، فقال: "وأَوْلى الأقوال في ذلك بالصواب أن يُقال: إنّ الله -تعالى ذِكْرُه- أخبر أنه لولا دفاعه الناس بعضهم ببعض لهُدّم ما ذكر، من دفْعه -تعالى ذكره- بعضهم ببعض، وكفه المشركين بالمسلمين عن ذلك، ومنه كفه ببعضهم التظالم، كالسلطان الذي كف به رعيته عن التظالم بينهم، ومنه كفه لمن أجاز شهادته بينهم ببعضهم عن الذهاب بحق من له قِبَله حق، ونحو ذلك، وكل ذلك دفع منه الناس بعضهم عن بعض، لولا ذلك لتظالموا، فهدم القاهرون صوامع المقهورين وبيعهم، وما سمى -جل ثناؤه-. ولم يضع الله تعالى دلالة في عقل على أنه عنى من ذلك بعضًا دون بعض، ولا جاء بأن ذلك كذلك خبر يجب التسليم له، فذلك على الظاهر والعموم على ما قد بينته قبل؛ لعموم ظاهر ذلك جميع ما ذكرنا". وذكر ابنُ عطية (٦/ ٢٥٤) أنّ الآية تقوية للأمر بالقتال، وذكْر الحجة بالمصلحة فيه، وذكْر أنه متقدم في الأمم، وبه صلحت الشرائع واجتمعت المتعبَّدات، فكأنه قال: أُذن في القتال فليقاتل المؤمنون، ولولا القتال والجهاد لتُغلِّب على الحق في كل أمة. ورجَّح مستندًا إلى السياق أنه القتال والجهاد، وهو القول الثاني الذي قاله ابن زيد، فقال: «هذا أصوب تأويلات الآية». وذكر أنه الأليق بمعنى الآية، ووجَّه الأقوال الأخرى بخروجها مخرج المثال، فقال: «ما قيل بعد من مُثُل الدفاع تبعٌ للجهاد». ونقل عن فرقة أن المعنى: ولولا دفع الله العذاب بدعاء الفضلاء والأخيار ونحوه، وانتقده مستندًا لمخالفته لظاهر الآية، فقال: «وهذا وما شاكله مُفسِد لمعنى الآية، وذلك أنّ الآية تقتضي ولا بُدَّ مدفوعًا مِن الناس ومدفوعًا عنه. فتأمله».