للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واللهِ، لا أشتريه منك بشيء أبدًا. وأبى أن يوقظ أباه، فعَوَّضه الله من ذلك اللؤلؤ أن جعل له تلك البقرة، فمرت به بنو إسرائيل يطلبون البقرة، فأبصروا البقرة عنده، فسألوه أن يبيعهم إياها بقرة ببقرة فأبى، فأعطوه ثنتين فأبى، فزادوه حتى بلغوا عشرًا فأبى، فقالوا: واللهِ، لا نتركك حتى نأخذها منك. فانطلقوا به إلى موسى، فقالوا: يا نبي الله، إنا وجدنا البقرة عند هذا فأبى أن يعطيناها، وقد أعطيناه ثمنًا. فقال له موسى: أعطهم بقرتك. فقال: يا رسول الله، أنا أحق بمالي. فقال: صدقت. وقال للقوم: أرْضُوا صاحبكم. فأعطوه وزنها ذهبًا، فأبى، فأضعفوا له مثل ما أعطوه وزنها، حتى أعطوه وزنها عشر مرات، فباعهم إياها، وأخذ ثمنها. فقال: اذبحوها. فذبحوها، فقال: اضربوه ببعضها. فضربوه بالبَضْعَة التي بين الكَتِفَين، فعاش، فسألوه: من قتلك؟ فقال لهم: ابن أخي. قال: أقتله، وآخذ ماله، وأنكح ابنته. فأخذوا الغلام، فقتلوه (١). (ز)

٢٤٢٦ - قال مقاتل بن سليمان: فانطلقوا حتى وجدوها عند امرأة اسمها: نوريا بنت رام، فاستاموا بها، فقالوا لموسى: إنها لا تباع إلا بملء مَسْكها ذهبًا. قال موسى: لا تظلموا، انطلقوا، اشتروها بما عَزَّ وهان. فاشتروها بملء مَسْكها ذهبًا، فذبحوها، فقالوا لموسى: قد ذبحناها. قال: خذوا منها عضوًا، فاضربوا به القتيل. فضربوا القتيل بفَخِذ البقرة اليمنى، فقام القتيل وأَوْداجه (٢) تَشْخَب (٣) دمًا، فقال: قتلني فلان وفلان. يعني: ابْنَيْ عمه، ثم وقع ميتًا، فأُخِذا، فقُتِلا، فذلك قوله سبحانه: {فذبحوها وما كادوا يفعلون} (٤). (ز)

٢٤٢٧ - قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب-: جعلوا يزيدون صاحبها حتى ملئوا له مَسْكَها -وهو جلدها- ذهبًا (٥) [٣١١]. (ز)


[٣١١] اختلف المفسرون في السبب الذي من أجله كادوا أن يُضَيِّعوا فرضَ الله عليهم في ذبح البقرة، فذهب بعضهم إلى أنّ السبب: غلاء ثمنها. وذهب آخرون إلى أنّ السبب: خوف الفضيحة.
ورجَّحَ ابنُ جرير (٢/ ١١٤) أنّ السبب: الأمران معًا مستندًا إلى أقوال السلف، فقال: «والصواب من التأويل عندنا: أنّ القوم لم يكادوا يفعلون ما أمرهم الله به من ذبح البقرة للخلتين كلتيهما: إحداهما: غلاء ثمنها، مع ما ذكر لنا من صغر خطرها وقلة قيمتها. والأخرى: خوف عظيم الفضيحة على أنفسهم، بإظهار الله نبيه موسى -صلوات الله عليه- وأتباعه على قاتله».
وانتَقَدَ ابن كثير (١/ ٤٥٢) كلامَ ابن جرير، فقال: «وقال ابن جرير: وقال آخرون: لم يكادوا أن يفعلوا ذلك خوف الفضيحة، إن أطلع الله على قاتل القتيل الذي اختصموا فيه. ولم يسنده عن أحد. ثم اختار أن الصواب في ذلك: أنهم لم يكادوا يفعلوا ذلك لغلاء ثمنها، وللفضيحة. وفي هذا نظر، بل الصواب -والله أعلم- ما تقدم من رواية الضحاك، عن ابن عباس». وقد أسند ابن جرير (٢/ ١١٧) هذا القولَ عن وهب بن منبه، فقال: «وأما ما قلنا مِن خوفهم الفضيحة على أنفسهم فإنّ وهب بن منبه كان يقول: إن القوم إذ أمروا بذبح البقرة إنما قالوا لموسى: {أتتخذنا هزوا}؛ لعلمهم بأنهم سيفتضحون إذا ذبحت، فحادوا عن ذبحها. حُدِّثْتُ بذلك عن إسماعيل بن عبد الكريم، عن عبد الصمد بن معقل، عن وهب بن منبه».

<<  <  ج: ص:  >  >>