ورجَّحَ ابنُ جرير (٢/ ١١٤) أنّ السبب: الأمران معًا مستندًا إلى أقوال السلف، فقال: «والصواب من التأويل عندنا: أنّ القوم لم يكادوا يفعلون ما أمرهم الله به من ذبح البقرة للخلتين كلتيهما: إحداهما: غلاء ثمنها، مع ما ذكر لنا من صغر خطرها وقلة قيمتها. والأخرى: خوف عظيم الفضيحة على أنفسهم، بإظهار الله نبيه موسى -صلوات الله عليه- وأتباعه على قاتله». وانتَقَدَ ابن كثير (١/ ٤٥٢) كلامَ ابن جرير، فقال: «وقال ابن جرير: وقال آخرون: لم يكادوا أن يفعلوا ذلك خوف الفضيحة، إن أطلع الله على قاتل القتيل الذي اختصموا فيه. ولم يسنده عن أحد. ثم اختار أن الصواب في ذلك: أنهم لم يكادوا يفعلوا ذلك لغلاء ثمنها، وللفضيحة. وفي هذا نظر، بل الصواب -والله أعلم- ما تقدم من رواية الضحاك، عن ابن عباس». وقد أسند ابن جرير (٢/ ١١٧) هذا القولَ عن وهب بن منبه، فقال: «وأما ما قلنا مِن خوفهم الفضيحة على أنفسهم فإنّ وهب بن منبه كان يقول: إن القوم إذ أمروا بذبح البقرة إنما قالوا لموسى: {أتتخذنا هزوا}؛ لعلمهم بأنهم سيفتضحون إذا ذبحت، فحادوا عن ذبحها. حُدِّثْتُ بذلك عن إسماعيل بن عبد الكريم، عن عبد الصمد بن معقل، عن وهب بن منبه».