ورجَّحَ ابنُ جرير (١٧/ ١٧٢ - ١٧٣) القولَ الأولَ -وهو قول الجمهور- استنادًا إلى الإجماع، ودلالة العقل، وقال: «ذلك أنّه لا خلاف بين الجميع أنّ ذلك كذلك إذا لم يُحَدّ في القذف حتى تاب؛ إمّا بأن لم يُرفع إلى السلطان بعفو المقذوفة عنه، وإمّا بأن ماتت قبل المطالبة بحدِّها ولم يكن لها طالب يطلب بحدّها، فإذ كان ذلك كذلك وحدثت منه توبة صَحَّت له بها العدالة. فإذ كان من الجميع إجماعًا، ولم يكن الله -تعالى ذِكْرُه- شرَطَ في كتابه أن لا تُقبل شهادته أبدًا بعد الحدّ في رميه، بل نهى عن قبول شهادته في الحال التي أوجب عليه فيها الحدّ، وسماه فيها فاسقًا؛ كان معلومًا بذلك أنّ إقامة الحدّ عليه في رميه لا تُحْدِث في شهادته مع التوبة من ذنبه ما لم يكن حادثًا فيها قبل إقامته عليه، بل توبته بعد إقامة الحدّ عليه مِن ذنبه أحْرى أن تكون شهادته معها أجوز منها قبل إقامته عليه؛ لأن الحدّ يزيد المحدود عليه تطهيرًا مِن جرمه الذي استحقّ عليه الحدّ». وبنحوه قال ابنُ تيمية (٥/ ٤٩١ - ٤٩٢، ٥٩١) مستشهدًا بما حدث في قصة الإفك.