[٤٦٥٩] قوله: {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} اختلف المفسرون فيه على قولين: الأول: معناه: اطرحوا لهم من الكتابة بعضها. ثم اختلفوا في المقدار؛ فقيل: الربع. وقيل: الثلث. وقيل: النصف. وقيل: العشر. وقيل: جزء من الكتابة غير مقدر. والثاني: بل المراد من قوله: {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم}: هو النصيب الذي فرض الله لهم من أموال الزكوات. ورجَّح ابنُ جرير (١٧/ ٢٨٩ بتصرف) مستندًا إلى الدلالة العقلية القولَ الثاني الذي قاله الحسن، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وأبوه، ومقاتل بن حيان، وإبراهيم، وبريدة، فقال: «لأنّ قوله: {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} أمرٌ مِن الله -تعالى ذِكْرُه- بإيتاء المكاتَبين من ماله الذي آتى أهل الأموال، وأمر الله فرض على عباده الانتهاء إليه، ما لم يخبرهم أنّ مراده الندب ... فإذ كان ذلك كذلك، ولم يكن أخبرنا في كتابه ولا على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - أنه ندب؛ ففرض واجب. وإذ كان ذلك كذلك، وكانت الحجة قد قامت أن لا حقَّ لأحدٍ في مال أحد غيره من المسلمين إلا ما أوجبه الله لأهل سُهْمان الصدقة في أموال الأغنياء منهم، وكانت الكتابة التي يقتضيها سيد المكاتب من مكاتبه مالًا من مال سيد المكاتب؛ فيفاد أنّ الحق الذي أوجب الله له على المؤمنين أن يؤتوه من أموالهم هو ما فرض على الأغنياء في أموالهم له من الصدقة المفروضة، إذ كان لا حقَّ في أموالهم لأحد سواها». وذكر ابنُ كثير (١٠/ ٢٣٠) أنّ القول الأول أشهر.