للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سراجًا، فقال: {وسراجا منيرا} [الأحزاب: ٤٦]. {يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ} وهي إبراهيم، سمّاه: مباركًا؛ لأنّ أكثر الأنبياء كانوا من صلبه، {لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ} يعني: إبراهيم لم يكن يهوديًّا ولا نصرانيًّا، ولكن كان حنيفًا مسلمًا، وإنّما قال ذلك لأنّ اليهود تُصَلِّي قِبَل المغرب، والنصارى قِبَل المشرق، {يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ولَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ} يعني: تكاد محاسن محمدٍ تظهر للناس قبل أن أوحي إليه، {نُورٌ عَلى نُورٍ} أي: نبيٌّ مرسلٌ مِن نسل نبيٍّ مرسلٍ (١). (ز)

٥٣٤١٣ - عن قتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- {مثل نوره}، قال: مَثَل نورِ الله في قلب المؤمن {كمشكاة} قال: الكوة، {كأنها كوكب دري} قال: منير يضيء، {زيتونة لا شرقية ولا غربية} قال: لا يَفِيء عليها ظِلٌّ شرقيٌّ ولا غربيٌّ، كنا نُحَدَّثُ: أنها ضاحيةُ الشمس، وهو أصفى الزيت وأطيبه وأعذبه. هذا مَثَل ضربه الله للقرآن، أي: قد جاءكم من الله نور وهدى متظاهران، المؤمن سمع كتاب الله، فوعاه، وحفِظه، وانتفع بما فيه، وعقل به، فهذا مَثَل المؤمن (٢). (١١/ ٦٨)

٥٣٤١٤ - قال مقاتل بن سليمان: يعني بالمشكاة: صلب عبد الله أبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، ويعني بالزجاجة: جسد محمد - صلى الله عليه وسلم -، ويعني بالسراج: الإيمان في جسد محمد - صلى الله عليه وسلم -، فلمّا خرجت الزجاجة فيها المصباح مِن الكوَّة صارت الكوة مُظلمة، فذهب نورُها، والكوة مثل عبد الله، ثم شَبَّه الزجاجة بمحمد - صلى الله عليه وسلم - في كتب الأنبياء? لا خفاء فيه كضوء الكوكب الدري، وهو الزهرة في الكوكب، ويقال: المشتري، وهو البِرْجِرس بالسريانية، {يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ} يعني بالشجرة المباركة: إبراهيم خليل الرحمن صلى الله عليه سلم، يقول: {يوقد} محمد مِن إبراهيم?، وهو من ذريته. ثم ذكر إبراهيم - عليه السلام -، فقال سبحانه: {زَيْتُونَةٍ} قال: طاعة حسنة، {لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ} يقول: لم يكن إبراهيم - عليه السلام - يصلي قِبَل المشرق كفعل النصارى، ولا قِبَل المغرب كفعل اليهود، ولكنه كان يصلي قِبَل الكعبة، ثم قال: {يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ولَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ} يعني: إبراهيم يكاد عِلْمُه يضيء ... يقول: {ولَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ} يقول: ولو لم تأتِه النبوة لكانت طاعتُه مع طاعة الأنبياء?، ثم قال - عز وجل -: {نُورٌ عَلى نُورٍ} قال: محمد - صلى الله عليه وسلم - نبيٌّ خرج مِن صُلْب نبي، يعني: إبراهيم?، {يَهْدِي اللَّهُ


(١) تفسير الثعلبي ٧/ ١٠٥، وتفسير البغوي ٦/ ٤٨.
(٢) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٦٠ من طريق معمر مختصرًا. وعلَّقه يحيى بن سلّام ١/ ٤٤٩. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن جرير.

<<  <  ج: ص:  >  >>