للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكانوا يرون أنّ عليهم في مؤاكلتهم جناحًا، وكان الأعمى والأعرج والمريض يقولون: لعلنّا نؤذيهم إذا أكلنا معهم. فاعتزلوا مؤاكلتهم؛ فأنزل الله: {ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج} (١). (ز)

٥٤٠٨٢ - قال مقاتل بن سليمان: {ليس على الأعمى حرج} نزلت في الأنصار، وذلك أنّه لما نزلت: {الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا} [النساء: ١٠]، {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} [النساء: ٢٩]؛ قالت الأنصار: ما بالمدينة مال أعز من الطعام. فكانوا لا يأكلون مع الأعمى؛ لأنه لا يبصر موضع الطعام، ولا مع الأعرج؛ لأنه لا يطيق الزحام، ولا مع المريض؛ لأنه لا يطيق أن يأكل كما يأكل الصحيح، وكان الرجل يدعو حميه وذا قرابته وصديقه إلى طعامه، فيقول: أُطعِم مَن هو أفقر إليه مِنِّي؛ فإني أكره أن آكل أموال الناس بالباطل، والطعام أفضل المال. فأنزل الله - عز وجل -: {ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج} (٢). (ز)

٥٤٠٨٣ - عن مقاتل بن حيّان -من طريق بُكَيْر بن معروف- قوله: {ليس على الأعمى حرج}: بلغنا -والله أعلم-: أنّه كان حيٌّ مِن الأنصار لا يأكل بعضُهم عند بعض، ولا مع المريض مِن أجل قوله، ولا مع الضرير البصر، ولا مع الأعرج، فانطلق رجلٌ غازيًا يُدعى: الحارث بن عمرو، واستخلف مالك بن زيد في أهله وخزائنه، فلمّا رجع الحارث من غزاته رأى مالكًا مجهودًا قد أصابه الضر، فقال: ما أصابك؟ قال مالك: لم يكن عندي سَعَة. قال الحارث: أما تركتُك في أهلي ومالي؟ قال: بلى، ولكن لم يَحِلَّ لي مالُك، ولم أكن لآكل مالًا لا يَحِلُّ لي. فأنزل الله - عز وجل -: {ليس على الاعمى حرج} الآيةَ إلى قوله: {أو صديقكم}، يعني: الحارث بن عمرو حين خلَّف مالكًا في أهله وماله ورحله، فجاءت الرخصة مِن الله، والإذن لهم جميعًا (٣). (ز)

٥٤٠٨٤ - قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج}، قال: هذا في الجهاد في سبيل الله (٤). (ز)


(١) علَّقه يحيى بن سلّام ١/ ٤٦١ - ٤٦٢.
(٢) تفسير مقاتل بن سليمان ٣/ ٢٠٨.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٤٨.
(٤) أخرجه ابن جرير ١٧/ ٣٦٩. وعلقه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٤٤، والنحاس في الناسخ والمنسوخ ٢/ ٥٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>