ورجَّح ابنُ عطية (٦/ ٤٣٥) القول الأول مستندًا إلى أحوال النزول، فقال: «ويشبه أنّ سبب الآية وترتُّب هذا المعنى كان عقبة وأبيًّا». ووجَّه الألف واللام في {الرسول} بأنها للعهد والإشارة إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -، وانتقد القولَ بإدخال أمية بن خلف في هذه الآية، فقال: «ومَن أدخل في هذه الآية أمية بن خلف فقد وهِم، إلا على قول من يرى {الظّالِم} اسمَ جنس». وهو قول مجاهد، وأبي رجاء. ثم علَّق (٦/ ٤٣٥) مستظهرًا أنها اسم جنس مُبَيّنًا العموم في الظالم، فقال: «ويظهر أن {الظّالِم} عامٌّ، وأنّ مقصد الآية تعظيم يوم يتبرأ فيه الخِلّان مِن خِلّانهم الذين أمروهم بالظلم، فلما كان خليل كل ظالم غير خليل الآخر، وكان كل ظالم يسمي رجلًا خاصًّا به عَبَّر عن ذلك بـ» فلان «الذي فيه الشياع التام، ومعناه: واحد من الناس، وليس من ظالم إلا وله في دنياه خليل يُعِينه ويُحَرِّضه، هذا في الأغلب». وكذا رجَّح ابنُ تيمية (٥/ ١٢) العموم. وكذا رجَّحه ابنُ كثير (١٠/ ٣٠٢)، فقال: «وسواء كان نزولها في عقبة بن أبي معيط، أو في غيره مِن الأشقياء؛ فإنها عامة، كما قال تعالى: {يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا* ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا} [الأحزاب: ٦٦ - ٦٨]، فكل ظالم يندم يوم القيامة غاية الندم، ويعض على يديه قائلًا: {يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا} يعني: مَن صَرَفَه عن الهدى، وعَدَلَ به إلى طريق الضلالة مِن دعاة الضلالة، وسواء في ذلك أمية بن خلف، أو أخوه أبي بن خلف، أو غيرهما».