للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كل خير: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا}، وإنّ وحشيًّا قد فعل هذا كلَّه؛ قد زنى، وأشرك، وقتل النفس التي حرم الله. فأنزل الله: {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما}. فكتب بها رسولُ الله إليه، فقال وحشيٌّ: هذا شرطٌ شديد، فلعلي ألّا أبقى بعد التوبة حتى أعمل صالحًا. فكتب إلى رسول الله: هل مِن شيء أوسعُ من هذا؟ فأنزل الله: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: ٤٨]. فكتب بها رسول الله إلى وحشي، فأرسل وحشيٌّ إلى رسول الله: إنِّي أخاف ألا أكون مِن مشيئة الله. فأنزل الله في وحشي وأصحابه: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} [الزمر: ٥٣]. فكتب بها رسولُ الله إلى وحشيٍّ، فأقبل وحشيٌّ إلى رسول الله، وأسلم (١). (ز)

٥٥٣٦٣ - عن مقاتل بن سليمان، في قوله تعالى: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا}، قال: نزلت بمكة، فلمّا هاجر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة كَتَب وحشيُّ بن حبيش غلام المُطْعِم [بن] عَدِيِّ بن نوفل بن عبد مناف إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بعد ما قتل حمزة: هل لي مِن توبةٍ وقد أشركتُ وقتلتُ وزَنَيتُ؟ فسكت النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله فيه بعد سنتين، فقال سبحانه: {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما}. فأسلم وحشيٌّ، وكان وحشيٌّ قد قتل حمزة بن عبد المطلب - عليه السلام - يوم أحد، ثم أسلم، فأمره النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فخرَّب مسجد المنافقين، ثم قتل مسيلمة الكذاب باليمامة على عهد أبي بكر الصديق?، فكان وحشيٌّ يقول: أنا الذي قتلتُ خيرَ الناس -يعني: حمزة-، وأنا الذي قتلت شرَّ الناس -يعني: مسيلمة الكذاب-. فلما قَبِلَ الله - عز وجل - توبة وحشيٍّ قال كُفّار مكة: كُلُّنا قد عمِل عمَل وحشيٍّ، فقد قبل الله - عز وجل - توبتَه، ولم ينزل فينا شيء. فأنزل الله - عز وجل - في كُفّار مكة: {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا} [الزمر: ٥٣] في الإسلام،


(١) علَّقه يحيى بن سلام ١/ ٤٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>