وقد رجّح ابنُ جرير (١٧/ ٥٣٧) مستندًا إلى أقوال السلف القولَ الأول، فقال: «وقوله: {فقد كذبتم}، يقول -تعالى ذِكْرُه- لمشركي قريش قومِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فقد كذبتم -أيها القومُ- رسولَكم الذي أُرْسِل إليكم، وخالفتم أمر ربكم الذي أمَرَ بالتمسك به، لو تمسكتم به كان يعبأ بكم ربي، فسوف يكون تكذيبكم رسول ربكم وخلافكم أمر بارئكم عذابًا لكم مُلازمًا؛ قتلًا بالسيوف وهلاكًا لكم مُفنيًا يلحق بعضكم بعضًا. ففعل الله ذلك بهم، وصدقهم وعده، وقتلهم يوم بدر بأيدي أوليائه، وألحق بعضهم ببعض، فكان ذلك العذابُ اللزامَ». وقال ابنُ عطية (٦/ ٤٦٥): «وأكثر الناس على أنّ» اللزام «المشار إليه في هذا الموضع هو يوم بدر، وهو قول أبي بن كعب، وابن مسعود، والمعنى: فسوف يكون جزاء التكذيب». ثم علّق على القول الثاني، فقال: «وقال ابن عباس أيضًا: اللزام: الموت. وهذا نحو القول ببدر، وإن أراد به متأول الموت المعتاد في الناس عرفًا، فهو ضعيف». ورجّح ابنُ كثير (١٠/ ٣٣٥) أنّه لا مُنافاة بين القولين، فقال: «{فسوف يكون لزاما} أي: فسوف يكون تكذيبكم لزامًا لكم، يعني: مُقْتَضِيًا لهلاككم وعذابكم ودماركم في الدنيا والآخرة، ويدخل في ذلك يومُ بدر، كما فسَّره بذلك عبدُ الله بن مسعود، وأبيُّ بن كعب، ومحمد بن كعب القرظي، ومجاهد، والضحاك، وقتادة، والسدي، وغيرهم. وقال الحسن البصري: {فسوف يكون لزاما} يعني: يوم القيامة. ولا منافاة بينهما».