وقد رجّح ابنُ جرير (١٧/ ٥٤٨) القول الأول مستندًا إلى اللغة، وأقوال أهل التأويل، فقال: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب وأشبهها بما قال أهل التأويل في ذلك أن تكون الأعناق: هي أعناق الرجال. وأن يكون معنى الكلام: فظلت أعناقهم ذليلة للآية التي يُنزلها الله عليهم من السماء». وعلّق ابنُ عطية (٦/ ٤٧٠ - ٤٧١) على القول الأول، فقال: «فعلى هذا التأويل ليس في قوله: {خاضِعِينَ} موضع قول». وقال: "فمعنى هذا التأويل: أن نتكلم على قوله: {خاضِعِينَ} كيف جُمعَ جمْع مَن يعقل؟ وذلك متخرج على نحوين من كلام العرب: أحدهما: أنّ الإضافة إلى مَن يعقل أفادت حُكْمَه لِمَن لا يعقل، كما تفيد الإضافة إلى المؤنث تأنيث علامة المذكر، ومنه قول الأعشى: كما شرقت صدر القناة من الدم وهذا كثير. والنحو الآخر: أنّ الأعناق لَمّا وُصِفَت بفعل لا يكون إلا مقصود البشر، وهو الخضوع، إذ هو فعل يتبع أمرًا في النفس؛ جُمِعَت فيه جمع من يعقل. وهذا نظير قوله تعالى: {أتَيْنا طائِعِينَ} [فصلت: ١١]، وقوله: {رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ} [يوسف: ٤] ".