التقوا هُزِمت يهود، فعاذَت بهذا الدعاء: اللهم إنا نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم. وكانوا إذا التَقَوْا دعوا بهذا فهَزَمُوا غطفان، فلما بُعث النبي - صلى الله عليه وسلم - كفروا به، فأنزل الله:{وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} يعني: وقد كانوا يستفتحون بك يا محمد، إلى قوله:{فلعنة الله على الكافرين}(١)[٣٦٢]. (١/ ٤٦٧)
٢٨٦٢ - عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن إسحاق بسنده- أنّ يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل مبعثه، فلَمّا بعثه الله من العرب كفروا به، وجحدوا ما كانوا يقولون فيه، فقال لهم معاذ بن جبل، وبِشْر بن البراء، وداود بن سلمة: يا معشر يهود، اتقوا الله، وأسلِموا، فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل شرك، وتخبرونا بأنه مبعوث، وتصفونه بصفته. فقال سَلّام بن مِشْكَم -أحد بني النضير-: ما جاءنا بشيء نعرفه، وما هو بالذي كنا نذكر لكم.
[٣٦٢] انتَقَد ابنُ تيمية (١/ ٢٧١ - ٢٧٣ بتصرف) هذا الحديث مستندًا إلى ضعف إسناده، ومخالفته للدلالة المستفيضةِ للتاريخ، فقال: «وهذا الحديث رواه الحاكم في مستدركه، وهذا مما أنكره عليه العلماء؛ فإن عبد الملك بن هارون من أضعف الناس، وهو عند أهل العلم بالرجال متروك، بل كذاب، ومما يبين ذلك أنّ قوله: {وكانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلى الَّذِينَ كَفَرُوا} إنما نزلت باتفاق أهل التفسير والسِّيَر في اليهود المجاورين للمدينة أولًا كبني قينقاع وقريظة والنضير، وهم الذين كانوا يحالفون الأوس والخزرج، وهم الذين عاهدهم النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة، ثم لما نقضوا العهد حاربهم، فحارب أولًا بني قينقاع، ثم النضير، ثم قريظة عام الخندق، فكيف يقال نزلت في يهود خيبر وغطفان؟! فإن هذا من كذاب جاهل لم يحسن كيف يكذب، ومما يبين ذلك أنّه ذُكِر فيه انتصار اليهود على غطفان لما دعوا بهذا الدعاء، وهذا مما لم ينقله أحد غير هذا الكذاب، ولو كان هذا مما وقع لكان مما تتوفر دواعي الصادقين على نقله، وما ذكره بعض المفسرين من أنهم كانوا يقسمون به أو يسألون به، فهو نقل شاذ مخالف للنقول الكثيرة المستفيضة المخالفة له».