للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنّ الجن تراجعوا فيما بينهم، فقالوا: قد كنتم تصيبون مِن سليمان غِرَّة، فإن نكح هذه المرأةَ اجتمعت فِطْنَةُ الجن والوحي، فلن تصيبوا له غِرَّة. فقدموا إليه، فقالوا: إنّ النصيحة لك علينا حقٌّ، إنّما قدماها حافر حمار. فذلك حين ألبس البِركة قوارير، وأرسل نساءً مِن نساء بني إسرائيل تنظر إذا كشفت عن ساقيها ما قدماها؟ فإذا أحسن الناس ساقًا مِن ساقٍ شعراء، وإذا قدماها قدم إنسان، فبشَّرْن سليمان، وكَرِه الشعر، فأمر الجنَّ، فجعلت النُّورَة، فذلك أول ما كانت النورة (١). (١١/ ٣٧٧)

٥٧٥٢١ - قال يحيى بن سلّام: {قال إنه صرح} قال سليمان: {إنه صرح ممرد من قوارير} (٢). (ز)

٥٧٥٢٢ - قال يحيى بن سلّام: وقال بعضهم: إنّها لَمّا أقبلت إلى سليمان خافت الشياطينُ أن يتزوجها، وقالوا: قد كُنّا نلقى مِن سليمان مِن السخرة ما نلقى، فكيف إذا اجتمع عقلُ هذه وتدبيرها مع ملك سليمان ونبوته؟ مع أنّ أُمَّها كانت مِن الجن، الآن حين هلكتم. فقال بعضهم: أنا أصرف سليمان عنها حتى لا يتزوجها. فأتاه، فقال له: إنّه لم تلد جِنِّيَّةٌ قطُّ مِن إنسيٍّ إلا كان أحد رجليها رجل حمار. فوقع ذلك في نفس سليمان، وكان رجل مِن الجن يُحِبُّ كُلَّ ما وافق سليمان، فقال له: يا نبيَّ الله، أنا أعمل لك شيئًا ترى ذلك منها. فعمل الصرح، فلما جاءته حسبته لجة ماء، فكشفت عن ساقيها، فرأى سليمانُ قدميها قدمي إنسان، ورأى على ساقيها شعرًا كثيرًا، فساءه ذلك، فقال له الجني الذي كان يُحِبُّ كلَّ ما يُوافق سليمان: أنا أعمل لك ما يُذهب به ذلك الشعر. فعمل النورة والحمام، فكان أول ما عمل الحمام والنورة، وتزوجها سليمان في قول بعضهم (٣) [٤٨٨٣]. (ز)


[٤٨٨٣] للسلف في بيان السبب الذي من أجله بنى سليمان صرحًا لبلقيس قولان: الأول: أنه بنى ذلك الصرح لها ليختبر عقلها. كما في قول وهب بن منبه. الثاني: أن ذلك كان إيحاء من الجن لسليمان؛ لأن الجن خافت من سليمان أن يتزوجها، فأرادوا أن يزهدوه فيها، فقالوا: إن رجلها رجل حمار، وإن أمها كانت من الجن، فأراد سليمان أن يعلم حقيقة ما أخبرته الجن من ذلك. كما في قول محمد بن كعب القرظي.
وقد رجّح ابنُ جرير (١٨/ ٨٢) صحة القولين؛ لعدم المانع في ذلك، فقال: «وجائز عندي أن يكون سليمان أمر باتخاذ الصرح للأمرين الذي قاله وهب، والذي قاله محمد بن كعب القرظي، ليختبر عقلها، وينظر إلى ساقها وقدمها، ليعرف صحة ما قيل له فيها».

<<  <  ج: ص:  >  >>