للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويروحون، يُطعمهم الطعام، ويتحدثون عنده، وكان مُؤذِيًا لموسى، فلم تَدَعُه القسوةُ والبلاء حتى أرسل إلى امرأة من بني إسرائيل مذكورة بالجمال كانت تُذكَر برِيبة، فقال لها: هل لك أن أُموِّلك، وأعطيك، وأخلطك بنسائي، على أن تأتيني والملأ مِن بني إسرائيل عندي فتقولين: يا قارون، ألا تنهى موسى عَنِّي؟ فقالت: بلى. فلمّا جاء أصحابه واجتمعوا عنده دعا بها، فقامت على رؤوسهم، فقلب الله قلبها، ورزقها التوبة، فقالت: ما أجد اليوم توبةً أفضل مِن أن أُكَذِّب عدوَّ الله، وأُبْرِئَ رسول الله. فقالت: إنّ قارون بعث إلَيَّ، فقال: هل لك أن أُموِّلك وأعطيك وأخلطك بنسائي، على أن تأتيني والملأ مِن بني إسرائيل عندي، وتقولين: يا قارون، ألا تنهى موسى عني. فإني لم أجد اليوم توبة أفضل مِن أن أُكَذِّب عدو الله، وأبرئ رسول الله. فنكس قارون رأسه، وعرف أنه قد هلك، وفشا الحديث في الناس حتى بلغ موسى - عليه السلام -، وكان موسى شديدَ الغضب، فلمّا بلغه توضأ، ثم صلى، وسجد، وبكى، وقال: يا ربِّ، عدوك قارون كان لي مُؤْذِيًا -فذكر أشياء-، ثُمَّ لَمْ يَتَناهَ حتى أراد فضيحتي، يا ربِّ، سلِّطني عليه. فأوحى الله إليه أن: مُرِ الأرضَ بما شئت تُطِعْكَ. فجاء موسى إلى قارون، فلمّا رآه قارون عرف الغضب في وجهه، فقال: يا موسى، ارحمني. فقال موسى: يا أرضُ، خذيهم. فاضطربت داره، وخُسِف به وبأصحابه حتى تَغَيَّبت أقدامُهم، وساخت دارهم على قدر ذلك، فقال قارون: يا موسى، ارحمني. فقال: يا أرض، خذيهم. فاضطربت داره، وخسف به وبأصحابه إلى سُرُرهم، وساخت داره على قدر ذلك، وجعل يقول: يا موسى، ارحمني. فقال موسى: يا أرض، خذيهم. فاضطربت داره، وخسف به وبأصحابه إلى حلوقهم، وساخت داره على قدر ذلك، وقال: يا موسى، ارحمني. فقال: يا أرض، خذيهم. فخسف به وبأصحابه وبداره، فلما خُسِف به قيل له: يا موسى، ما أفظَّك! أما -وعِزَّتِي- لو إيّاي دعا لرحمته. وقال أبو عمران الجوني: فقيل لموسى: لا أُعَبِّد الأرض بعدك أحدًا (١). (١١/ ٥١٥)

٥٩٣٤١ - عن سعيد بن جبير -من طريق المنهال بن عمرو- قال: أوحى الله إلى موسى: ما يبكيك؟ قد أمرت الأرض أن تطيعك، فأمرها بما شئتَ. قال: فقال: خذيهم. فأخذتهم إلى ما شاء الله، فنادوا: يا موسى، يا موسى. قال: خذيهم.


(١) أخرجه عبد الرزاق -كما في تخريج الكشاف ٣/ ٣٣ - ، وآدم بن أبي إياس -كما في تفسير مجاهد ص ٣٣٢ - ، وابن جرير ١٨/ ٣٣٥، وابن أبي حاتم ٩/ ٣٠١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>