للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لي بديني، وشرطتما أن تصعدا بي إلى السماء، فعلت. فأقَرّا لها بدينها، وأتياها فيما يريان، ثم صعدا بها إلى السماء، فلما انتهيا إلى السماء اخْتُطِفَت منهما، وقُطعَت أجنحتهما، فوقعا خائفين نادمين يبكيان، وفي الأرض نبيٌّ يدعو بين الجمعتين، فإذا كان يوم الجمعة أجيب، فقالا: لو أتينا فلانًا فسألناه يطلب لنا التوبة. فأتياه، فقال: رحمكما الله، كيف يطلب أهل الأرض لأهل السماء. قالا: إنا قد ابتُلِينا. قال: ائْتِياني يوم الجمعة. فأتياه، فقال: ما أُجِبْتُ فيكما بشيء، ائْتِياني في الجمعة الثانية. فأتياه، فقال: اختارا، فقد خُيِّرْتُما؛ إن أحببتما معافاة الدنيا وعذاب الآخرة، وإن أحببتما فعذاب الدنيا وأنتما يوم القيامة على حكم الله. فقال أحدهما: الدنيا لم يمض منها إلا القليل. وقال الآخر: ويحك، إني قد أطعتك في الأول، فأطعني الآن؛ إنّ عذابًا يفنى ليس كعذاب يبقى، وإننا يوم القيامة على حكم الله، فأخاف أن يعذبنا. قال: لا، إني أرجو إن علم الله أنّا قد اخترنا عذاب الدنيا مخافة عذاب الآخرة؛ لا يجمعهما علينا. قال: فاختارا عذاب الدنيا، فجُعِلا في بَكَراتٍ من حديد في قَلِيبٍ مملوءة من نار، أعاليهما أسافلُهما (١). (١/ ٥١٥)

٣١٤٣ - عن عبد الله بن عمر -من طريق سعيد بن جبير- أنّه كان يقول: أطَلَعت الحمراء بعد؟ فإذا رآها قال: لا مرحبًا. ثم قال: إن مَلَكَين من الملائكة -هاروت وماروت- سألا الله أن يَهْبِطا إلى الأرض، فأُهْبِطا إلى الأرض، فكانا يقضيان بين الناس، فإذا أمسيا تكلما بكلمات، فعرجا بها إلى السماء، فقيَّض الله لهما امرأةَ من أحسن الناس، وأُلْقِيَت عليهما الشهوة، فجعلا يُؤَخِّرانها، وألقيت في أنفسهما، فلم يزالا يفعلان حتى وعدتهما ميعادًا، فأتتهما للميعاد، فقالت: عَلِّماني الكلمةَ التي تَعْرُجان بها. فعَلَّماها الكلمة، فتَكَلَّمت بها، فعَرَجَت إلى السماء، فمُسِخَتْ، فجُعِلَتْ كما ترون، فلَمّا أمْسَيا تكلما بالكلمة، فلم يَعْرُجا، فبُعِث إليهما: إن شئتما فعذاب الآخرة، وإن شئتما فعذاب الدنيا إلى أن تقوم الساعة. فنظر أحدهما لصاحبه، فقال أحدهما لصاحبه: بل نختار عذاب الدنيا ألف ألف ضعف، فهما


(١) أخرجه ابن أبي حاتم ١/ ١٩٠ - ١٩١ (١٠٠٧).
قال ابن كثير ١/ ٥٢٨: «وهذا إسناد جيد إلى عبد الله بن عمر، وقد تقدم في رواية ابن جرير من حديث معاوية ابن صالح عن نافع عنه رفعُه، وهذا أثبت وأصح إسنادًا. ثم هو -والله أعلم- من رواية ابن عمر عن كعب، كما تقدم بيانه من رواية سالم عن أبيه، وقوله: إن الزُّهْرَة نزلت على صورة امرأة حسناء. وكذا المروي عن عليّ، فيه غرابة جدًّا». وقال ابن حجر في العجاب ١/ ٣٢٣ - ٣٢٥: «أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح عن مجاهد ... وهذه متابعة قوية لرواية موسى بن جبير عن نافع لكنها موقوفة على ابن عمر».

<<  <  ج: ص:  >  >>