للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٠٠٤٠ - عن محمد بن السائب الكلبي -من طريق معمر- في قوله تعالى: {ولذكر الله أكبر}، قال: إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ما كان فيها، وذِكْرُ اللهِ الناسَ أكبرُ مِن كل شيء (١). (ز)

٦٠٠٤١ - قال مقاتل بن سليمان: ثم قال - عز وجل -: {ولَذِكْرُ الله أكْبَرُ}، يعني: إذا صليت لله تعالى فذكرته فذكرك الله بخير، وذكر الله إياك أفضل من ذكرك إياه في الصلاة (٢). (ز)

٦٠٠٤٢ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: أنّ معناه: ولذكر الله أكبر مما سواه، وهو أفضل من كل شيء (٣). (ز)

٦٠٠٤٣ - عن جابر عن عامر، قال: سألت أبا قُرَّة [سلمة بن معاوية الكندي] عن قوله: {ولذكر الله أكبر}. قال: ذِكْرُ اللهِ أكبرُ مِن ذكركم إيّاه (٤) [٥٠٥٦]. (١١/ ٥٥٥)


[٥٠٥٦] اختلف السلف في تفسير قوله: {ولذكر الله أكبر} على أقوال: الأول: ولذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه. الثاني: ولذكركم الله أكبر من كل شيء. الثالث: أن الآية تحتمل الوجهين السابقين. الرابع: لذكر الله العبد في الصلاة أكبر من الصلاة. الخامس: وللصلاة التي أتيت أنت بها، وذكرك الله فيها؛ أكبر مما نهتك الصلاة من الفحشاء والمنكر.
وقد رجّح ابنُ جرير (١٨/ ٤١٧) مستندًا إلى ظاهر الآية القول الأول، فقال: «وأشبه هذه الأقوال بما دل عليه ظاهر التنزيل قولُ من قال: ولذكر الله إياكم أفضل من ذكركم إياه».
ورجّح ابنُ عطية (٦/ ٦٥٠) القول الثاني مستندًا إلى دلالة العقل، فقال: «وعندي أن المعنى: ولَذِكْر الله أكبرُ على الإطلاق، أي: هو الذي ينهى عن الفحشاء والمنكر. فالجزء الذي منه في الصلاة يفعل ذلك، وكذلك يفعل في غير الصلاة؛ لأن الانتهاء لا يكون إلا من ذاكِرٍ مُراقِب، وثواب ذلك الذكر أن يذكره الله تعالى كما في الحديث: «ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه». والحركات التي في الصلاة لا تأثير لها فينهى، والذكر النافع هو مع العلم، وإقبال القلب، وتفرغه إلا من الله تعالى، وأما ما لا يتجاوز اللسان ففي رتبة أخرى».
وقد ذكر ابنُ عطية (٤/ ٣٢٠ ط: الكتب العلمية) قولًا لم ينسبه إلى أحد من السلف أن المعنى: ولذكر الله كبير. ثم علّق عليه وعلى قول سلمان الفارسي، فقال: «كأنه يحض عليه في هذين التأويلين الأخيرين».
وانتقد ابنُ تيمية (٥/ ١٠٨) مستندًا إلى النصّ والإجماع والدلالة العقلية بعضَ ما يندرج تحت القول الثاني قائلًا: «ومَن ظن أن المعنى: ولذكر الله أكبر من الصلاة. فقد أخطأ؛ فإن الصلاة أفضل من الذكر المجرد بالنص والإجماع. والصلاة ذكر الله لكنها ذِكْرٌ على أكمل الوجوه، فكيف يفضل ذكر الله المطلق على أفضل أنواعه؟! ومثال ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «عليكم بقيام الليل؛ فإنه قربة إلى ربكم، ودأب الصالحين قبلكم، ومنهاة عن الإثم، ومكفرة للسيئات، ومطردة لداعي الحسد». فبين ما فيه من المصلحة بالقرب إلى الله، وموافقة الصالحين، ومن دفع المفسدة بالنهي عن المستقبل من السيئات، والتكفير للماضي منها، وهو نظير الآية».

<<  <  ج: ص:  >  >>