وقد رجّح ابنُ جرير (١٨/ ٤١٧) مستندًا إلى ظاهر الآية القول الأول، فقال: «وأشبه هذه الأقوال بما دل عليه ظاهر التنزيل قولُ من قال: ولذكر الله إياكم أفضل من ذكركم إياه». ورجّح ابنُ عطية (٦/ ٦٥٠) القول الثاني مستندًا إلى دلالة العقل، فقال: «وعندي أن المعنى: ولَذِكْر الله أكبرُ على الإطلاق، أي: هو الذي ينهى عن الفحشاء والمنكر. فالجزء الذي منه في الصلاة يفعل ذلك، وكذلك يفعل في غير الصلاة؛ لأن الانتهاء لا يكون إلا من ذاكِرٍ مُراقِب، وثواب ذلك الذكر أن يذكره الله تعالى كما في الحديث: «ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه». والحركات التي في الصلاة لا تأثير لها فينهى، والذكر النافع هو مع العلم، وإقبال القلب، وتفرغه إلا من الله تعالى، وأما ما لا يتجاوز اللسان ففي رتبة أخرى». وقد ذكر ابنُ عطية (٤/ ٣٢٠ ط: الكتب العلمية) قولًا لم ينسبه إلى أحد من السلف أن المعنى: ولذكر الله كبير. ثم علّق عليه وعلى قول سلمان الفارسي، فقال: «كأنه يحض عليه في هذين التأويلين الأخيرين». وانتقد ابنُ تيمية (٥/ ١٠٨) مستندًا إلى النصّ والإجماع والدلالة العقلية بعضَ ما يندرج تحت القول الثاني قائلًا: «ومَن ظن أن المعنى: ولذكر الله أكبر من الصلاة. فقد أخطأ؛ فإن الصلاة أفضل من الذكر المجرد بالنص والإجماع. والصلاة ذكر الله لكنها ذِكْرٌ على أكمل الوجوه، فكيف يفضل ذكر الله المطلق على أفضل أنواعه؟! ومثال ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «عليكم بقيام الليل؛ فإنه قربة إلى ربكم، ودأب الصالحين قبلكم، ومنهاة عن الإثم، ومكفرة للسيئات، ومطردة لداعي الحسد». فبين ما فيه من المصلحة بالقرب إلى الله، وموافقة الصالحين، ومن دفع المفسدة بالنهي عن المستقبل من السيئات، والتكفير للماضي منها، وهو نظير الآية».