للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِن خَرْدَلٍ}، قال: مِن خير أو شر (١) [٥١٣٦]. (١١/ ٦٤٩)

٦٠٩٩٣ - قال مقاتل بن سليمان: قال ابن لقمان أنعم لأبيه: يا أبتِ، إن عمِلتُ بالخطيئة حيثُ لا يراني أحدٌ كيف يعلمه الله - عز وجل -؟ فردَّ عليه لقمان: {يا بُنَيّ إنَّها إنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ}، يعني: وزن ذَرَّة (٢) [٥١٣٧]. (ز)

٦٠٩٩٤ - قال يحيى بن سلّام: {يا بُنَيَّ} رجع إلى كلام لقمان، يعني: الكلام الأول: {وإذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِه وهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ} [لقمان: ١٣]، {إنَّها إنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِن خَرْدَلٍ} أي: وزن حبة مِن خردل (٣). (ز)


[٥١٣٦] قال ابن عطية (٧/ ٤٩ - ٥٠): «وقوله: {مِثْقالَ حَبَّةٍ} عبارة تصلح للجواهر، أي قدر حبة، وتصلح للأعمال، أي ما زنته على جهة المماثلة قدر حبة، فظاهر الآية أنه أراد شيئًا من الأشياء خفيًا قدر حبة، ويؤيد ذلك ما روي من أن ابن لقمان سأل أباه عن الحبة تقع في مثل البحر، أيعلمها الله؟ فراجعه لقمان بهذه الآية. وذكر كثير من المفسرين أنه أراد الأعمال المعاصي والطاعات، ويؤيد ذلك قوله: {يَأْتِ بِها اللَّهُ} أي: لا تفوت، وبهذا المعنى يتحصل في الموعظة ترجية وتخويف. فيضاف ذلك إلى تبيين قدرة الله تعالى، وفي القول الآخر ليس ترجية ولا تخويف. ومما يؤيد قول من قال: هي من الجواهر قراءة عبد الكريم الجزري» فتكِنّ «بكسر الكاف وشد النون من الكِنّ الذي هو الشيء المغطى، وقرأ جمهور القراء» إن تك «بالتاء من فوق،» مثقال «بالنصب على خبر» كان «، واسمها مضمر تقديره: مسألتك، على ما روي، أو المعصية أو الطاعة على القول الثاني».
[٥١٣٧] ذكر ابنُ جرير (١٨/ ٥٥٤ - ٥٥٦) في عود الهاء من قوله: {إنها} قولًا لبعض أهل اللغة البصريين -وهو قول مقاتل-: أنها الخطيئة. وذكر قولًا آخر فقال: «وقال بعض نحويي الكوفة: وهذه الهاء عماد. وقال: أنّث {تك} لأنه يُراد بها الحبة، فذهب بالتأنيث إليها». ثم رجّح مستندًا إلى الدلالة العقلية هذا القول، فقال: «وأولى القولين بالصواب عندي القول الثاني؛ لأن الله -تعالى ذِكْرُه- لم يعد عباده أن يوفيهم جزاء سيئاتهم دون جزاء حسناتهم، فيقال: إنّ المعصية إن تك مثقال حبة من خردل يأتِ الله بها، بل وعد كِلا العاملين أن يوفيه جزاء أعمالهما. فإذا كان ذلك كذلك كانت الهاء في قوله: {إنها} بأن تكون عمادًا أشبه منها بأن تكون كناية عن الخطيئة والمعصية». واستدل على ذلك بقول قتادة.
ورجّح ابنُ كثير (١١/ ٥٥) القول الأول بقوله: «والأول أولى». ولم يذكر مستندًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>