للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خطَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الخندقَ عام الأحزاب، فخرجت لنا مِن الخندق صخرةٌ بيضاءُ مُدَوَّرة، فكسرت حديدنا، وشقَّت علينا، فشكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخذ المِعْوَلَ مِن سلمان، فضرب الصخر ضربةً صدعها، وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابَتَيِ المدينة، حتى لكأنّ مصباحًا في جوف ليل مظلم، فكبَّر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وكبَّر المسلمون، ثم ضربها الثانية، فصدعها، وبرق منها برقة أضاء ما بين لابتيها، فكبَّر - صلى الله عليه وسلم -، وكبَّر المسلمون، ثم ضربها الثالثة، فكسرها، وبرق منها برقة أضاء ما بين لابتيها، فكبَّر، وكبر المسلمون، فسألناه، فقال: «أضاء لي في الأولى قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبريل أنّ أمتي ظاهِرةٌ عليها، وأضاء لي في الثانية قصور الحمر من أرض الروم كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، وأضاء لي في الثالثة قصور صنعاء كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، فأبشِروا بالنصر». فاستبشر المسلمون، وقالوا: الحمد لله، موعدٌ صادق بأن وعدنا النصر بعد الحصر. فطلعت الأحزاب، فقال المسلمون: {هَذا ما وعَدَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ وصَدَقَ اللَّهُ ورَسُولُهُ وما زادَهُمْ إلّا إيمانًا وتَسْلِيمًا}. وقال المنافقون: ألا تعجبون! يحدثكم ويعدكم ويمنيكم الباطل، يخبر أنه يُبْصِر مِن يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى، وأنها تفتح لكم، وأنتم تحفرون الخندق ولا تستطيعون أن تبرزوا! وأنزل القرآن: {وإذْ يَقُولُ المُنافِقُونَ والَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وعَدَنا اللَّهُ ورَسُولُهُ إلّا غُرُورًا} (١). (١١/ ٤٣)

٦١٨٠١ - عن عروة بن الزبير -من طريق يزيد بن رومان- =

٦١٨٠٢ - ومحمد بن كعب القرظي -من طريق يزيد بن زياد- قالا: قال مُعَتِّب بن قُشَير: كأنّ محمدًا يرى أن يأكل مِن كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا لا يأمن أن يذهب إلى الغائط! وقال أوس بن قَيْظيٍّ في مَلَأٍ مِن قومه مِن بني حارثة: إنّ بيوتنا عورة، وهي خارجة من المدينة، ائذن لنا فنرجع إلى نسائنا وأبنائنا وذرارينا. فأنزل الله على رسوله حين فرغ منهم ما كانوا فيه من البلاء يذكرهم نعمته عليهم، وكفايته إيّاهم بعد سوء الظن منهم، ومقالة مَن قال مِن أهل النفاق: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحًا وجُنُودًا لَمْ تَرَوْها} فكانت الجنود قريشًا وغطفان


(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٤/ ٦٢ - ٦٣، والبيهقي في دلائل النبوة ٣/ ٤١٨ - ٤٢٠، وابن جرير ١٩/ ٣٩ - ٤٢. وأورده الثعلبي ٣/ ٤٠ - ٤١.
قال ابن كثير في البداية والنهاية ٦/ ٢٨: «وهذا حديث غريب».

<<  <  ج: ص:  >  >>