للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٢٥٧٤ - عن محمد بن السائب الكلبي: {تُرْجِي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ} يعني: مِن اللائي أحل له، إن شاء أن يتزوج منهن، {وتُؤْوِي إلَيْكَ مَن تَشاءُ} يتزوج منهن مَن شاء (١). (ز)

٦٢٥٧٥ - قال مقاتل بن سليمان: {تُرْجِي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ} تُوقِف مِن بنات العم والعمة والخال والخالة فلا تزوجها، {وتُؤْوِي} يعني: وتضم إليك من تشاء منهن فتتزوجها، فخيَّر اللهُ - عز وجل - النبي - صلى الله عليه وسلم - في تزويج القرابة (٢). (ز)

٦٢٥٧٦ - قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قول الله: {تُرْجِي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ وتُؤْوِي إلَيْكَ مَن تَشاءُ} الآيةَ، قال: كان أزواجُه قد تَغايَرْنَ على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهجرهن شهرًا، ثم نزل التخيير مِن الله له فيهن، فقرأ حتى بلغ: {ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهِلِيَّةِ الأُولى} [الأحزاب: ٣٣]، فخيَّرَهُنَّ بين أن يَخْتَرْن أن يخلي سبيلهن ويسرحهن، وبين أن يُقِمْن إن أردن الله ورسوله على أنّهُنَّ أمهات المؤمنين، لا يُنكَحن أبدًا، وعلى أنّه يؤوي إليه مَن يشاء مِنهُنَّ مِمَّن وهب نفسه له حتى يكون هو يرفع رأسه إليها، ويرجي من يشاء حتى يكون هو يرفع رأسه إليها، ومن ابتغى ممن هي عنده وعزل فلا جناح عليه (٣). (ز)

٦٢٥٧٧ - قال يحيى بن سلّام: {وتُؤْوِي إلَيْكَ مَن تَشاءُ} تتزوج من تشاء، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ذكر امرأة ليتزوج لم يكن لأحد أن يُعَرِّض بذكرها حتى يتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو يتركها (٤) [٥٢٦١]. (ز)


[٥٢٦١] اختُلِف في تأويل قوله تعالى: {تُرْجِي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ وتُؤْوِي إلَيْكَ مَن تَشاءُ} على أربعة أقوال: أولها: أن المعنى: تعزل من شئت من أزواجك فلا تأتيها، وتأتي من شئت من أزواجك فلا تعزلها، والقَسْم على هذا التأويل كان ساقطًا عنه - صلى الله عليه وسلم -. والثاني: أن المعنى: تترك نكاح مَن تشاء، وتنكح من تشاء مِن نساء أُمّتك. والثالث: أن المعنى: تطلق من تشاء من نسائك، وتمسك من تشاء منهن. والرابع: أن المعنى: تؤخر من تشاء من الواهبات، وتضم إليك من تشاء منهن.
واختار ابنُ جرير (١٩/ ١٤٣) أنّ الآية عامة في الواهبات، وفي النساء اللاتي عنده أنه مخير فيهن، إن شاء قسم، وإن شاء لم يقسم؛ لعدم الحصر، فقال: «أولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إن الله -تعالى ذِكْرُه- جعل لنبيه أن يرجي من النساء اللواتي أحلهن له من يشاء، ويؤوي إليه منهن من يشاء، وذلك أنه لم يحصر معنى الإرجاء والإيواء على المنكوحات اللواتي كُنَّ في حباله -ثَمَّ نزلت هذه الآية- دون غيرهن مِمَّن يستحدث إيواءها أو إرجاءها منهن. وإذ كان ذلك كذلك فمعنى الكلام: تؤخر من تشاء مِمَّن وهبت نفسها لك، وأحللت لك نكاحها، فلا تقبلها ولا تنكحها، أو ممن هن في حبالك؛ فلا تقربها، وتضم إليك من تشاء ممن وهبت نفسها لك أو أردت من النساء اللاتي أحللت لك نكاحهن؛ فتقبلها أو تنكحها، ومِمَّن هي في حبالك؛ فتجامعها إذا شئت وتتركها إذا شئت بغير قسم».
ومالَ ابنُ كثير (١١/ ١٩٦) إلى اختيار ابن جرير، مستندًا إلى السياق، فقال: «هذا الذي اختاره حسن جيّد قويّ، وفيه جمع بين الأحاديث، ولهذا قال تعالى: {ذَلِكَ أدْنى أنْ تَقَرَّ أعْيُنُهُنَّ ولا يَحْزَنَّ ويَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ} أي: إذا عَلِمْنَ أنّ الله قد وضع عنك الحرج في القسم، فإن شئت قسمت وإن شئت لم تقسم، لا جناح عليك في أي ذلك فعلت، ثم مع هذا أن تقسم لهنَّ اختيارًا منك، لا أنه على سبيل الوجوب، فَرِحْن بذلك واستبشرن به، وحملن جميلك في ذلك، واعْتَرَفْن بمِنَّتك عليهن في قسمتك لهن وتسويتك بينهن وإنصافك لهن وعدلك فيهن».
وعلَّقَ ابنُ عطية (٧/ ١٣٤) على كلّ تلك الأقوال بقوله: «وعلى كل معنى فالآية معناها التوسعة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والإباحة له».

<<  <  ج: ص:  >  >>