واختار ابنُ جرير (١٩/ ١٤٣) أنّ الآية عامة في الواهبات، وفي النساء اللاتي عنده أنه مخير فيهن، إن شاء قسم، وإن شاء لم يقسم؛ لعدم الحصر، فقال: «أولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إن الله -تعالى ذِكْرُه- جعل لنبيه أن يرجي من النساء اللواتي أحلهن له من يشاء، ويؤوي إليه منهن من يشاء، وذلك أنه لم يحصر معنى الإرجاء والإيواء على المنكوحات اللواتي كُنَّ في حباله -ثَمَّ نزلت هذه الآية- دون غيرهن مِمَّن يستحدث إيواءها أو إرجاءها منهن. وإذ كان ذلك كذلك فمعنى الكلام: تؤخر من تشاء مِمَّن وهبت نفسها لك، وأحللت لك نكاحها، فلا تقبلها ولا تنكحها، أو ممن هن في حبالك؛ فلا تقربها، وتضم إليك من تشاء ممن وهبت نفسها لك أو أردت من النساء اللاتي أحللت لك نكاحهن؛ فتقبلها أو تنكحها، ومِمَّن هي في حبالك؛ فتجامعها إذا شئت وتتركها إذا شئت بغير قسم». ومالَ ابنُ كثير (١١/ ١٩٦) إلى اختيار ابن جرير، مستندًا إلى السياق، فقال: «هذا الذي اختاره حسن جيّد قويّ، وفيه جمع بين الأحاديث، ولهذا قال تعالى: {ذَلِكَ أدْنى أنْ تَقَرَّ أعْيُنُهُنَّ ولا يَحْزَنَّ ويَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ} أي: إذا عَلِمْنَ أنّ الله قد وضع عنك الحرج في القسم، فإن شئت قسمت وإن شئت لم تقسم، لا جناح عليك في أي ذلك فعلت، ثم مع هذا أن تقسم لهنَّ اختيارًا منك، لا أنه على سبيل الوجوب، فَرِحْن بذلك واستبشرن به، وحملن جميلك في ذلك، واعْتَرَفْن بمِنَّتك عليهن في قسمتك لهن وتسويتك بينهن وإنصافك لهن وعدلك فيهن». وعلَّقَ ابنُ عطية (٧/ ١٣٤) على كلّ تلك الأقوال بقوله: «وعلى كل معنى فالآية معناها التوسعة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والإباحة له».