للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولو أعجبك حسنهن} يعني: أسماء بنت عُمَيس الخثعمية التي كانت امرأة جعفر ذي الجناحين، {إلّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ} يعني: الولاية (١). (ز)

٦٢٦٤٠ - قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: كانت العرب في الجاهلية يتبادلون بأزواجهم؛ يُعطي هذا امرأتَه هذا، ويأخذ امرأةَ ذاك؛ فقال الله: {ولا أنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِن أزْواجٍ} يعني: تبادل بأزواجك غيرك أزواجه، بأن تعطيه زوجتك وتأخذ زوجته، {إلّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ} لا بأس أن تبادل بجاريتك ما شئت، فأمّا الحرائر فلا (٢) [٥٢٦٧]. (ز)


[٥٢٦٧] اختُلِف في تأويل قوله تعالى: {ولا أنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِن أزْواجٍ ولَوْ أعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إلّا ما مَلَكَتْ يَمِينُك} على ثلاثة أقوال: أولها: أن المعنى: ولا أن تبدل بالمسلمات غيرهن من الكوافر. وهذا قول مجاهد، وأبي رزين. والثاني: أن المعنى: ولا أن تبدل بأزواجك اللواتي هن في حبالك أزواجًا غيرهن؛ بأن تطلقهن وتنكح غيرهن. وهذا قول الضحاك. والثالث: أن المعنى: ولا أن تبادل من أزواجك غيرك؛ بأن تعطيه زوجتك وتأخذ زوجته. وهذا قول ابن زيد.
واختار ابنُ جرير (١٩/ ١٤٣) القولَ الثانيَ، وانتَقَدَ الأولَ مستندًا لدلالة العقل، وقال: «إنما قلنا ذلك أولى بالصواب لِما قد بَيَّنا قبلُ من أنّ قول الذي قال: معنى قوله: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِن بَعْدُ}: لا يحل لك اليهودية أو النصرانية والكافرة. قول لا وجه له. فإذ كان ذلك كذلك، فكذلك قوله: {ولا أنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ} كافرةً لا معنى له؛ إذ كان مِن المسلمات من قد حرّم عليه بقوله: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِن بَعْدُ} الذي دللنا عليه قبل».
وانتَقَدَ أيضًا القولَ الثالثَ؛ للقراءة المجمع عليها، والواقع، فقال: «أما الذي قاله ابن زيد في ذلك أيضًا فقول لا معنى له؛ لأنه لو كان بمعنى المبادلة لكانت القراءة والتنزيل: ولا أن تُبادل بهن من أزواج، أو: ولا أن تُبدِّل بهن -بضم التاء-، ولكن القراءة المجمع عليها: {ولا أن تَبَدَّل بهن} بفتح التاء، بمعنى: ولا أن تستبدل بهن، مع أن الذي ذكر ابن زيد من فعل الجاهلية غير معروف في أمة نعلمه من الأمم: أن يبادل الرجل آخر بامرأته الحرة، فيقال: كان ذلك مِن فِعْلهم فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن فِعْل مثله!».
وكذا انتَقَدَه ابنُ عطية (٧/ ١٣٦)، فقال: «هذا قول ضعيف، أنكره الطبري وغيره في معنى الآية، وما فعلت العرب قط هذا، وما رُوِي من حديث عيينة بن حصن أنّه دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده عائشة فقال: مَن هذه الحميراء؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هذه عائشة». فقال عيينة: يا رسول الله، إن شئت نزلت لك عن سيدة العرب جمالًا ونسبًا. فليس بتبديل، ولا أراد ذلك، وإنما احتقر عائشة لأنها كانت صبية، فقال هذا القول».
وذهب ابنُ كثير (١١/ ٢٠٠) إلى ما ذهب إليه ابنُ جرير.

<<  <  ج: ص:  >  >>