ولهذا جاء تفسيرهم بعيدًا عن مشكلات التأويل المنحرف، وصرف اللفظ القرآني إلى ما يناسب المذهب، أو غيرها من الانحرافات في التفسير.
وإذا تبيَّنت لك قيمة تفسير الصحابي، فانظر إلى واقع بعض من يَدْرُس التفسير أو يُدَرِّسه، فإنك ستجده لا يُعنى بإيراد أقوالهم، وكثيرًا ما تراه يكتفي بأن ينسب التفسير إلى المتأخرين من اللغويين والمفسرين، ويتقوَّى بهم؛ كالزجاج (ت: ٣١١ هـ)، والزمخشري (ت: ٥٣٨ هـ)، وابن عطية (ت: ٥٤٢ هـ)، والقرطبي (ت: ٦٧١ هـ)، وأبي حيان (ت: ٧٤٥ هـ)، وابن كثير (ت: ٧٧٤ هـ)، والآلوسي (ت: ١٢٧٠ هـ)، وغيرهم، ويتجاهل أن ما ذكروه إنما هو قول لأحد الصحابة.
إن في هذا المسلك ما يقطع على طالب العلم شرف الوصول إلى علوم هؤلاء الصحابة وأفهامهم، بل قد يجعله ينظر إلى أقوالهم نظر المقلل من شأنها، ويرى أن تفسيراتهم سطحية، لا عمق فيها، ولا تقرير! !
وهذا خطأ محض، ومجانبة الصواب، وإنما كان سبيل أهل العلم الراسخين فيه أنهم (يتكثرون بموافقة الصحابة)، وانظر كم الفرق بين أن يقال: هذا قول ابن عباس (ت: ٦٨ هـ) في الآية، أو أن يقال: هذا قول الزجاج (ت: ٣١١ هـ)، أو قول ابن عطية (ت: ٥٤٢ هـ) أو قول غيرهم في الآية؟