للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عند معاينة العذاب، نزلت في السفيانيِّ، وذلك أنّ السُّفْيانِيَّ يَبْعَثُ ثلاثين ألف رجل مِن الشام مقاتلة إلى الحجاز، عليهم رجل اسمه: بحير بن بجيلة، فإذا انتهوا إلى البيداء خُسِف بهم، فلا ينجو منهم أحدٌ غير رجل مِن جهينة اسمه: ناجية، يفلت وحده، مقلوب وجهُه وراءَ ظهره، يرجع القهقرى، فيخبر الناس بما لقي أصحابُه، {وأُخِذُوا مِن مَكانٍ قَرِيبٍ} مِن تحت أرجلهم (١). (ز)

٦٣٧٠١ - عن سفيان بن عيينة -من طريق بن أبي عمر- في قوله: {أخذوا من مكان قريب}، قال: خُسِف بهم مِن تحت أرجلهم (٢). (ز)

٦٣٧٠٢ - قال يحيى بن سلّام: {فَلا فَوْتَ} لا يفوت أحدٌ منهم دون أن يهلك بالعذاب، {وأُخِذُوا مِن مَكانٍ قَرِيبٍ} النفخة الآخرة. وبعضهم يقول: {وأُخِذُوا مِن مَكانٍ قَرِيبٍ} من تحت أرجلهم (٣) [٥٣٥٠]. (ز)


[٥٣٥٠] اختُلِف في المعنيِّين بقوله تعالى: {ولَوْ تَرى إذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ} على ثلاثة أقوال: الأول: عُنِيَ بها المشركون عند نزول نقمة الله بهم في الدنيا. الثاني: عُنِيَ بذلك المشركون إذا فزعوا عند خروجهم من قبورهم. الثالث: عُنِيَ بذلك جيشٌ يُخْسَف به بِبَيْداء من الأرض.
ورجَّح ابنُ جرير (١٩/ ٣١٣) مستندًا إلى دلالة السياق القولَ الأول والثاني، فقال: «والذي هو أولى بالصواب في تأويل ذلك، وأشْبَهُ بما دلَّ عليه ظاهر التنزيل: قولُ مَن قال: ذلك وعيد الله المشركين الذين كذَّبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قومه؛ لأنّ الآيات قبل هذه الآية بالإخبار عنهم وعن إساءتهم، وبوعيد الله إياهم مَضَتْ، وهذه الآية في سياق تلك الآيات، فَلأَن يكون ذلك خبرًا عن حالهم أشْبَه منه بأن يكون خبرًا عمّا لم يَجْرِ له ذِكْرٌ، وإذ كان ذلك كذلك فتأويل الكلام: ولو ترى -يا محمد- هؤلاء المشركين من قومك، فتُعاينُهُم حين فزِعوا من معايَنَتِهم عذاب الله {فَلا فَوْتَ}».
ورجَّح ابنُ عطية (٧/ ١٩٦) القول الثاني، وهو قول الحسن، بقوله: «وهذا أرجح الأقوال عندي». ولم يذكر مستندًا، وانتقد القول الثالث قائلًا: «وهذا قول بعيد، وروي في هذا المعنى حديث مطوَّل عن حذيفة، وروى الطبري أنه ضعيف السند مكذوب فيه على ابن روّاد بن الجراح».
وبنحوه ابنُ كثير (١١/ ٢٩٩ بتصرف)، فقال: «أورد ابن جرير في ذلك حديثًا موضوعًا بالكلية، ثم لم ينبِّه على ذلك، وهذا أمرٌ عجيبٌ غريبٌ منه»، وذكر ابنُ كثير القول الأول والثاني وكذا القول بأنهم أخذوا من تحت أقدامهم، ثم رجَّح قائلًا: «والصحيح أن المراد بذلك يوم القيامة، وهو الطامة العظمى، وإن كان ما ذُكِر متصلًا بذلك». ولم يذكر مستندًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>