للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك، ولم يظهر عندهم مصادر أخرى غير التي كانت عند الصحابة، وهذا مما يُعزِّز أقوالهم في التفسير، ويقوِّي قبولها.

الثالثة: أن عدم اعتماد أقوالهم (اجتهادهم) يلزم منه انقطاع حلقة من حلقات التفسير، وهذا الانقطاع يلزم منه أنَّ فهم القرآن قد انقطع على الأمة، فيكون العصر الذي عاشه هؤلاء حلقة فرغ فيها علم التفسير، ولم يكن له من يتصدى له.

وهذا مع كونه خلاف الواقع؛ إذ المتصدون للتفسير في هاتين الطبقتين كثيرون إِلا أننا نجد من يهوّن من تفسير علماء هاتين الطبقتين، ويرى أنه غير ملزمٍ بأقوالهم (١).

الرابعة: أن العلماء الذين دؤَنوا التفسير المأثور عن السلف (٢) قد اعتمدوا النقل عن هذه الطبقات الثلاث، وتتابعهم على هذا الفعل إيناسٌ بحجيَّة هاتين الطبقتين مع الصحابة، واللَّه أعلم.

الخامسة: أن التابعين وأتباعهم في عصر الاحتجاج اللغوي، وكثير من التابعين ممن يُحتجُّ بكلامهم في اللغة، والآخرون منهم لم تُعهد عليهم عُجمة في الفهم العربي للقرآن، وأقلُّ أحوالهم -خصوصًا أتباع التابعين- أنهم نقلة للغة كحال كثير من اللغويين الذين اعتنوا بجمع اللغة كالخليل بن أحمد الفراهيدي (ت: ١٧٥ هـ) وصنيعُه في كتاب "العين"، فهم مشاركون للغويين في سماع اللغة من العرب، وفي نقلهم لها من خلال تفسيراتهم اللغوية.

* * *


(١) الحديث هنا عن النظر إلى التزام تفسير هاتين الطبقتين من حيث الجملة، ولا يعني أن قول الواحد منهم ملزمٌ، إِلا إذا لم يوجد له مخالف في عصره.
(٢) مثل الطبري وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبي الشيخ، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>