للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

موسى بن عمران وبين عيسى ابن مريم ألف سنة وتسعمائة سنة، ولم يكن بينهما فَتْرة، وإنّه أُرسل بينهما ألفُ نبي من بني إسرائيل، سوى مَن أُرْسِل مِن غيرهم، وكان بين ميلاد عيسى والنبي - صلى الله عليه وسلم - خمسمائة سنة وتسع وستون سنة، بُعِث في أولها ثلاثةُ أنبياء، وهو قوله: {إذْ أرْسَلْنا إلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ}، والذي عُزِّز به: شمعون، وكان من الحواريين، وكانت الفترة التي لم يبعث الله فيها رسولًا أربعمائة سنة وأربعًا وثلاثين سنة (١). (١٢/ ٣٣٥)

٦٤٤٣٧ - قال كعب: {إذْ أرْسَلْنا إلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما}، الرسولان: صادق، وصدوق، والثالث: شلوم (٢) [٥٤٠٨]. (ز)

٦٤٤٣٨ - قال وهب بن مُنَبِّه: {إذْ أرْسَلْنا إلَيْهِمُ اثْنَيْنِ}، اسمهما: يوحنا، وبولس (٣). (ز)

٦٤٤٣٩ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله تعالى: {إذْ أرْسَلْنا إلَيْهِمُ اثْنَيْنِ}، قال: بلغني: أنّ عيسى ابن مريم بَعَث إلى أهل القرية -وهي أنطاكية- رجلين مِن الحواريين، وأَتْبَعَهم بثالث (٤) [٥٤٠٩]. (١٢/ ٣٣٥)


[٥٤٠٨] علّق ابنُ عطية (٧/ ٢٤٢) على قول كعب، فقال: «وذكر الناسُ مِن أسماء الرسل: صادق، وصدوق، وشلوم، وغير هذا، والصحة معدومة؛ فاختصرته».
[٥٤٠٩] ذكر ابنُ عطية (٧/ ٢٣٩) في قوله: {إذ جاءها المرسلون} قولين: الأول: أنهم من الحواريين. كما في قول قتادة. الثاني: أنهم أنبياء مِن قِبَل الله.
وعلّق على القول الثاني بقوله: «وهذا يرجحه قولُ الكَفَرة: {ما أنْتُمْ إلّا بَشَرٌ مِثْلُنا}؛ فإنها محاورة إنما تقال لِمَن ادعى الرسالة عن الله تعالى». ثم قال: «والآخر محتمل».
ورجّح ابنُ تيمية (٥/ ٣١٨ - ٣٢٣) مستندًا إلى الدلالة التاريخية، وظاهر القرآن، والدلالة العقلية أنّ هؤلاء الرسل كانوا رُسُلًا لله قبل المسيح، وانتقد قولَ مَن جعلهم مِن الحواريين مِن وجوه عدة، ذكر منها: الأول: أنّ إرسال هؤلاء الرسل كان قبل المسيح، والمسيح ذهب إلى أنطاكية اثنان من أصحابه بعد رفعه إلى السماء، ولم يعززوا بثالث، ولا كان حبيب النجار موجودًا إذ ذلك. الثاني: ليس في القرآن آيةٌ تنطق بأنّ الحواريين رسل الله، بل ولا صرح في القرآن بأنه أرسلهم. الثالث: أن المعروف عند النصارى أن أهل أنطاكية آمنوا بالحواريين واتبعوهم، ولم يهلك الله أهل أنطاكية. الرابع: أنّ الرسل في القرآن ثلاثة، وجاءهم من أقصا المدينة رجل يسعى، والذين جاءوا مِن أتباع المسيح كانوا اثنين، ولم يأتهم رجل يسعى، لا حبيب ولا غيره. الخامس: أن الله تعالى قال: {قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا}، ولو كانوا رسل رسول لكان التكذيب لمن أرسلهم، ولم يكن في قولهم: إن أنتم إلا بشر مثلنا. شبهة، فإن أحدًا لا ينكر أن يكون رسلُ رسلِ الله بشرًا، وإنما أنكروا أن يكون رسول الله بشرًا. السادس: أنه إذا كانت رسل محمد - صلى الله عليه وسلم - لم يتناولهم اسم «رسل الله» في الكتاب الذي جاء به، فكيف يجوز أن يقال: إنّ هذا الاسم يتناول رسل رسول غيره؟!.
وانتقد ابنُ كثير (١١/ ٢٥٧) مستندًا إلى الدلالة العقلية، وظاهر الآية القول الأول، فقال: «ظاهر القصة يدل على أن هؤلاء كانوا رسل الله - عز وجل -، لا من جهة المسيح، كما قال تعالى: {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون} إلى أن قالوا: {ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون * وما علينا إلا البلاغ المبين} [يس: ١٤ - ١٧]. ولو كان هؤلاء من الحواريين لقالوا عبارة تناسب أنهم من عند المسيح، - عليه السلام -، والله أعلم. ثم لو كانوا رسل المسيح لما قالوا لهم: {ما أنتم إلا بشر مثلنا}».

<<  <  ج: ص:  >  >>