شمعون: فصِفاه، وأَوْجِزا. فقالا: إنّه يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد. فقال شمعون: وما آيتكما؟ قالا: ما تتمنّاه. فأمر الملك حتى جاؤوا بغلام مطموس العينين وموضع عينيه كالجبهة، فما زالا يدعوان ربَّهما حتى انشق موضع البصر، فأخذا بندقتين من الطين، فوضعاهما في حدقتيه، فصارتا مُقلتين يُبصِر بهما، فتعجب الملك، فقال شمعون للملك: إن أنتَ سألت إلهك حتى يصنع صنعًا مثل هذا، فيكون لك الشرف ولإلهك. فقال الملك: ليس لي عنك سِرٌّ، إن إلهنا الذي نعبده لا يسمع ولا يبصر، ولا يضر ولا ينفع. وكان شمعون إذا دخل الملِك على الصنم يدخل بدخوله، ويصلي كثيرًا، ويتضرع، حتى ظنوا أنه على ملتهم. فقال الملِك للرسولين: إن قدر إلهكم الذي تعبدانه على إحياء ميِّتٍ آمنّا به وبكما. قالا: إلهنا قادِرٌ على كل شيء. فقال الملك: إنّ هاهنا ميتًا مات منذ سبعة أيام، ابنٌ لِدَهقان، وأنا أخَّرته فلم أدفنه حتى يرجع أبوه، وكان غائبًا. فجاءوا بالميت، وقد تغيَّر وأَرْوَحَ، فجعلا يدعوان ربَّهما علانيةً، وجعل شمعون يدعو ربَّه سِرًّا، فقام الميت، وقال: إنِّي قد مِتُّ منذ سبعة أيام مشركًا، فأُدخلت في سبعة أودية مِن النار، وأنا أحذِّركم ما أنتم فيه؛ فآمنوا بالله. ثم قال: فُتحتْ لي أبواب السماء، فنظرتُ فرأيتُ شابًّا حَسن الوجه يشفع لهؤلاء الثلاثة. قال الملك: ومَن الثلاثة؟ قال: شمعون وهذان. وأشار إلى صاحبيه، فتعجب الملك، فلما علم شمعون أن قوله أثَّر في الملك أخبره بالحال، ودعاه، فآمن الملك، وآمن قوم، وكفر آخرون. وقيل: إنّ ابنةً للملك كانت قد تُوفيت ودُفنت. فقال شمعون للملك: اطلب من هذين الرجلين أن يُحْيِيا ابنتك. فطلب منهما الملك ذلك، فقاما وصليا ودعوا وشمعون معهما في السر، فأحيا الله المرأةَ، وانشق القبرُ عنها، فخرجت، وقالت: أسلِموا؛ فإنهما صادقان. قالت: ولا أظنكم تُسلمون. ثم طلبت مِن الرسولين أن يرداها إلى مكانها، فذرّا ترابًا على رأسها، وعادت إلى قبرها كما كانت (١). (ز)
٦٤٤٦٢ - قال مقاتل بن سليمان:{فَقالُوا إنّا إلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ} فكذّبوهما، ولو فعلتُ ذلك بكم -يا أهل مكة- لكذّبتم، فقال شمعون للملك: أشهدُ أنهما رسولان أرسلهما ربُّك الذي في السماء. فقال الملك لشمعون: أخبِرني بعلامة ذلك. فقال شمعون: إنّ ربي أمرني أن أبعث لك ابنتك. فذهبوا إلى قبرها، فضرب القبر برجله،