للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

آمَنُوا} فقالت كفار قريش: {أنُطْعِم} المساكين الذي للآلهة {مَن لو يشاء الله أطعمه}؟! يعني: رزقه، لو شاء الله لأطعمه، وقالوا لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: {إنْ أنْتُمْ إلّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (١). (ز)

٦٤٧٢٨ - عن مقاتل بن حيان: {إنْ أنْتُمْ إلّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} في اتِّباعكم محمدًا، ومخالفتكم ديننا (٢) [٥٤٣٥]. (ز)

٦٤٧٢٩ - قال يحيى بن سلّام: قوله - عز وجل -: {وإذا قِيلَ لَهُمْ أنْفِقُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} وهذا تطوع؛ {قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أنُطْعِمُ مَن لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أطْعَمَهُ} فإذا لم يشأ الله أن يُطْعِمَه لِمَ تُطْعمه، {إنْ أنْتُمْ إلّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} يقوله المشركون للمؤمنين (٣) [٥٤٣٦]. (ز)


[٥٤٣٥] ذكر ابنُ جرير (١٩/ ٤٥٠) في قوله: {إن أنتم إلا في ضلال مبين} وجهين، رجّح الأول منهما، فقال: «وفي قوله: {إن أنتم إلا في ضلال مبين} وجهان: أحدهما: أن يكون مِن قيل الكفار للمؤمنين، فيكون تأويل الكلام حينئذ: ما أنتم -أيها القوم- في قيلكم لنا: أنفقوا مما رزقكم الله على مساكينكم. إلا في ذهاب عن الحق، وجَور عن الرشد، مبين لمن تأمله وتدبره أنه في ضلال. وهذا أولى وجهيه بتأويله. والوجه الآخر: أن يكون ذلك مِن قيل الله للمشركين، فيكون تأويله حينئذ: ما أنتم -أيها الكافرون- في قيلكم للمؤمنين: أنطعم من لو يشاء الله أطعمه. إلا في ضلال مبين عن أنّ قيلكم ذلك لهم ضلال».
وبنحوه ابنُ عطية (٧/ ٢٥٣)، ولم يذكرا مستندًا.
وانتقد ابنُ كثير (١١/ ٣٦٧) الوجه الثاني من هذين الوجهين بقوله: «وفي هذا نظر».
[٥٤٣٦] ذكر ابنُ عطية (٧/ ٢٥٢ - ٢٥٣) في معنى الآية احتمالين، فقال: «وقولهم يحتمل معنيين من التأويل: أحدهما يخرج على اختبارات لجهال العرب، فقد رُوِي أنّ أعرابيًا كان يرعى إبله، فيجعل السمان في الخصب، والمهازيل في المكان الجدب، فقيل له في ذلك، فقال: أُكْرِمُ ما أكرم الله، وأُهين ما أهان الله. فيُخَرَّج قولُ قريش على هذا المعنى، كأنهم رأوا الإمساك عمن أمسك الله عنه رزقه، ومن أمثالهم: كن مع الله على المدْبِر». والتأويل الثاني: «أن يكون كلامهم بمعنى الاستهزاء بقول محمد - صلى الله عليه وسلم -: إن ثَمَّ إلهًا هو الرزاق. فكأنهم قالوا: لِمَ لا يرزقك إلهك الذي تزعم؟ أي: نحن لا نطعم من لو يشاء هذا الإله الذي زعمت لأطعمه. وهذا كما يدعي إنسان أنه غني، ثم يحتاج إلى معونتك في مال، فتقول له على جهة الاحتجاج والهزء به: أتطلب معونتي وأنت غني؟! أي: على قولك».

<<  <  ج: ص:  >  >>