وذَهَبَ ابنُ جرير (١٩/ ٤٩٧) إلى أنهما قراءتان مشهورتان في قراء الأمصار، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، ثم قال: «فإن قال قائل: وكيف يكون مصيبًا القارئ بهما مع اختلاف معنييهما؟ قيل: إنهما وإن اختلف معنياهما فكل واحد مِن معنييه صحيح، قد عجب محمد مما أعطاه الله من الفضل، وسخر منه أهل الشرك بالله، وقد عجب ربُّنا مِن عظيم ما قاله المشركون في الله، وسخر المشركون بما قالوه. فإن قال: أكان التنزيل بإحداهما أو بكلتيهما؟ قيل: التنزيل بكلتيهما. فإن قال: وكيف يكون تنزيل حرف مرتين؟ قيل: إنه لم ينزل مرتين، إنما أنزل مرة، ولكنه أُمِرَ - صلى الله عليه وسلم - أن يقرأ بالقراءتين كلتيهما». وعلَّقَ ابنُ عطية (٧/ ٢٧٤ - ٢٧٥) [وما بين المعكوفين من ط: دار الكتب العلمية (٤/ ٥٣٦)] على قراءة ضم التاء، بقوله: «ومعنى ذلك من الله أنه صفة فعل، ونحوه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يعجب الله تعالى إلى قوم يساقون إلى الجنة في السلاسل». وقوله: - عليه السلام -: «يعجب الله من الشاب ليست له صبوة»، فإنما هي عبارة عما يظهره تعالى في جانب [المتعجب منه من التعظيم والتحقير حتى يصير الناس متعجبين] منه، فمعنى هذه الآية: بل عجبتُ من ضلالتهم وسوء نحلتهم، وجعلتها للناظرين فيها، وفيما اقترن معها من شرعي وهداي متعجّبًا». وما قاله ابن عطية فيه نظر، والحق إثبات صفه العَجب لله على ما يليق بكماله وعظمته وجلاله، كما جاء عن السلف من الصحابة والتابعين وأتباعهم. ينظر: الإبانة ٣/ ١٣١.