للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلياس: اللهم، إنّ بني إسرائيل قد أبوا إلا أن يكفروا بك، والعبادة لغيرك، فغيِّر ما بهم من نعمتك. أو كما قال.

٦٥٨٥٨ - قال محمد بن إسحاق: فذكر لي: أنّه أُوحِي إليه: إنّا قد جعلنا أمرَ أرزاقهم بيدك وإليك، حتى تكون أنت الذي تأذن في ذلك. فقال إلياس: اللهم، فأمسِك عليهم المطر. فحُبس عنهم ثلاث سنين، حتى هلكت الماشيةُ والهوامُّ والدوابُّ والشجر، وجَهد الناس جهدًا شديدًا، وكان إلياس -فيما يذكرون- حين دعا بذلك على بني إسرائيل قد استخفى شَفَقًا على نفسه منهم، وكان حيثما كان وضع له رزق، وكانوا إذا وجدوا ريح الخبز في دار أو بيت قالوا: لقد دخل إلياسُ هذا المكان. فطلبوه، ولقي منهم أهلُ ذلك المنزل شرًّا، ثم إنه أوى ليلةً إلى امرأة مِن بني إسرائيل لها ابنٌ يُقال له: اليسع بن أخطوب، به ضُر، فآوتْه، وأخفتْ أمره، فدعا إلياسُ لابنها، فعُوفي مِن الضُّرِّ الذي كان به، واتبع اليسع إلياس، فآمن به، وصدّق، ولزمه، فكان يذهب معه حيثما ذهب، وكان إلياس قد أسنَّ وكبر، وكان اليسع غلامًا شابًّا، فيزعمون -والله أعلم-: أنّ الله أوحى إلى إلياس: إنّك قد أهلكتْ كثيرًا مِن الخلق مِمَّن لم يعص سوى بني إسرائيل؛ من البهائم والدواب والطير والهوام والشجر، بحبس المطر عن بني إسرائيل. فيزعمون -والله أعلم- أنّ إلياس قال: أيْ ربِّ، دعني أنا الذي أدعو لهم، وأكون أنا الذي آتيهم بالفرج مِمّا هم فيه مِن البلاء الذي أصابهم، لعلهم أن يرجعوا وينزعوا عمّا هم عليه من عبادة غيرك. قيل له: نعم. فجاء إلياس إلى بني إسرائيل، فقال لهم: إنكم قد هلكتم جَهدًا، وهلكت البهائم والدواب والطير والهوام والشجر بخطاياكم، وإنكم على باطل وغرور -أو كما قال لهم-، فإن كنتم تحبون أن تعلموا ذلك، وتعلموا أنّ الله عليكم ساخط فيما أنتم عليه، وأن الذي أدعوكم إليه الحق؛ فاخرجوا بأصنامكم هذه التي تعبدون وتزعمون أنها خير مما أدعوكم إليه، فإن استجابت لكم فذلك كما تقولون، وإن هي لم تفعل علمتم أنكم على باطل، فنزعتم، ودعوتُ الله ففرَّج عنكم ما أنتم فيه من البلاء. قالوا: أنصفتَ. فخرجوا بأوثانهم وما يتقرَّبون به إلى الله من إحداثهم الذي لا يرضى، فدعوها، فلم تستجب لهم، ولم تفرِّج عنهم ما كانوا فيه من البلاء، حتى عرفوا ما هم فيه من الضلالة والباطل، ثم قالوا لإلياس: يا إلياس، إنّا قد هلكنا، فادعُ الله لنا. فدعا لهم إلياس بالفرج مما هم فيه، وأن يُسقوا، فخرجت سحابة مثل التُرْس (١) بإذن الله على ظهر البحر وهم ينظرون،


(١) التُّرْس: ما كان يُتوقى به في الحرب. المعجم الوسيط (الترس).

<<  <  ج: ص:  >  >>