والثانية: بقطع «آلِ» مِن «ياسين»، هكذا «آلِ ياسِينَ»، ووجِّهت بالأوجه الآتية: ١ - أنّ «آلِ» مضافة لـ"ياسين»، والمراد بالـ «آل»: ياسين نفسه. ٢ - أنّ «ياسين» اسم لأبيه، فأضيف إليه الـ «آل»، كما يقال: آل إبراهيم. ٣ - أنّ يس: هو القرآن، وآله: هم أهل القرآن. ٤ - أنّ يس: هو النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وآله: أقاربه، وأتباعه. والثالثة: بغير همز، وبصلة الألف، هكذا (الياسِينَ)، كما قُرِئَ: «وإنَّ الياسَ»، ووجَّهَها ابنُ عطية (٧/ ٣٠٦ بتصرّف) بأنّ الهمزة فيها حُذِفَت تخفيفًا، أو أن الاسم بدون «ال»، وزيدت الألف فيه مع اللام للتعريف. والرابعة: (إدْراسِين)، ووجِّهت بأنها لغة في إدريس، وكان ابن مسعود - رضي الله عنهما - يقول: إلياس هو إدريس. ورجَّحَ ابنُ جرير (١٩/ ٦٢١ - ٦٢٢ بتصرُّف) القراءة الأولى مستندًا إلى القرآن، وأقوال السلف، فقال: «الصواب من القراءة في ذلك عندنا قراءة من قرأه: {سلام على إلياسين} بكسر ألفها على مثال: إدراسين؛ لأن الله -تعالى ذكره- إنما أخبر عن كل موضع ذكر فيه نبيًّا من أنبيائه -صلوات الله عليهم- في هذه السورة بأنّ عليه سلامًا لا على آله، فكذلك السلام في هذا الموضع ينبغي أن يكون على إلياس، كسلامه على غيره من أنبيائه، لا على آله، على نحو ما بينا من معنى ذلك ... [وحُدِّثْنا] ... عن السدي {سلام على إل ياسين} قال: إلياس ... ، ونظير تسمية إلياس بـ {إل ياسين}: {وشجرة تخرج من طور سيناء} [المؤمنون: ٢٠]، ثم قال في موضع آخر: {وطور سينين} [التين: ٢]، وهو موضع واحد سمي بذلك». وانتَقَدَ (١٩/ ٦٢١ - ٦٢٢) القراءتين الثانية والثالثة مستندًا إلى قراءة ابن مسعود، فقال: «وفي قراءة عبد الله بن مسعود: (سَلامٌ عَلى إدْراسِينَ) دلالة واضحة على خطأ قول مَن قال: عنى بذلك: سلام على آل محمد. وفساد قراءة مَن قرأ: (وإنَّ الياسَ) بوصل النون من» إن «بـ» إلياس «، وتوجيه الألف واللام فيه إلى أنهما أدخلتا تعريفًا للاسم الذي هو» ياس «، وذلك أن عبد الله كان يقول: إلياس هو إدريس، ويقرأ: (وإنَّ إدْرِيسَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ). ثم يقرأ على ذلك: (سَلامٌ عَلى إدْراسِينَ) كما قرأ الآخرون: {سلام على إل ياسين}، فلا وجه على ما ذكرنا مِن قراءة عبد الله لقراءة مَن قرأ ذلك: «سَلامٌ عَلى آلِ ياسِينَ» بقطع الآل من ياسين». وانتَقَدَ ابنُ القيم (٢/ ٣٧٣ - ٣٧٤) التوجيهات الواردة على القراءتين الأولى والثانية، فقال: «هذه الأقوال كلها ضعيفة، والذي حمل قائلها عليها استشكالهم إضافة» آل «إلى» يس «، واسمه» إلياس «و» إلياسين «، ورأوها في المصحف مفصولة، وقد قرأها بعض القراء «آلِ ياسِينَ»، فقال طائفة منهم: له أسماء: يس، وإلياسين، وإلياس. وقالت طائفة:» يس «اسم لغيره، ثم اختلفوا، فقال الكلبي:» يس: محمد - صلى الله عليه وسلم - «. وقالت طائفة:» هو القرآن «. وهذا كله تعسٌّف ظاهر لا حاجة إليه». ثم بَيَّنَ ما يراه صوابًا مستندًا إلى اللغة، فقال: «والصواب -والله أعلم- في ذلك أن أصل الكلمة «آلِ ياسِينَ» كآل إبراهيم، فحذفت الألف واللام من أوله لاجتماع الأمثال، ودلالة الاسم على موضع المحذوف، وهذا كثير في كلامهم، إذا اجتمعت الأمثال كرهوا النطق بها كلها فحذفوا منها ما لا إلباس في حذفه ... ولا سيما عادة العرب في استعمالها للاسم الأعجمي، وتغييرها له، فيقولون مرة: إلياسين، ومرة: إلياس، ومرة: ياسين، وربما قالوا: ياس، ويكون على إحدى القراءتين قد وقع السلام عليه، وعلى القراءة الأخرى على آله».