للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأرض مسودة منهم، يدبون، وذلك حين ذهب مغاضبًا، فركب مع قوم في سفينة، فجعلت السفينة لا تنفذ ولا ترجع، فقال بعضهم لبعض: ماذا إلا لذنب بعضكم؟ فاقترعوا أيكم نلقيه في الماء ونخلي وجهنا. فاقترعوا، فبقي سهم يونس في الشمال، فقالوا: لا نفتدي مِن شيء أصابنا الليلة بنبي الله. فأعادوا القرع، فبقى سهم يونس في الشمال، فقالوا: لا نفتدي من شيء أصابنا الليلة بنبي الله. فقال يونس: ما يراد غيري، فانبذوني ولا تنكسوني على رأسي، ولكن صبوني على رجلي صبًّا. ففعلوا، وجاء الحوت شاحِبًا (١) فاه، فالتقمه، فاتبعه حوت أكبر مِن ذلك الحوت ليلتقمهما، فسبقه، فكان يونس في بطن الحوت حتى رقَّ العظم، وذهب اللحم والبشر والشعر، وكان سقيمًا فدعا بما دعا به، فنبذ بالعراء وهو سقيم، فأنبت الله عليه شجرة من يقطين، فكان فيها غذاؤه حتى اشتدَّ العظم، ونبت اللحم والشعر والبشر، فعاد كما كان، فبعث الله عليها، فيبست، فبكى عليها، فأوحى الله إليه: يا يونس، أتبكي على شجرة جعل الله لك فيها غذاء، ولا تبكي على قومك أن يهلكوا؟! (٢). (١٢/ ٤٧٤)

٦٥٩٢٧ - عن أبي سلمة [بن عبد الرحمن بن عوف]-من طريق محمد بن عمرو-: لَمّا وعد يونسُ قومَه أن يصيبهم العذاب قال: فانتظِروه. حتى جاء السحر أخذ مزودته وعصاه، وخرج، وخرجوا من قريتهم، وأخرجوا مواشيهم، ثم فرَّقوا بين كل ماشية وولدها، ثم صاحوا إلى الله -جل ذكره-، وتابوا إليه، وقد أقبل عليهم العذاب، فكشف الله عنهم، فخرج على يونس خارِجٌ من القرية بعد أن أصبح وارتفعت الشمس، فقال: ما فعل أهلُ القرية وراءك؟ أنزل الله -جل ذكره- عليهم العذاب؟ فقال: لا. فخرج عليهم مغاضبًا حتى جاء إلى الساحل، فقال: يا أيها السفينة، احملوني معكم. فحملوه، حتى إذا لَجَّجوا (٣) استدارت بهم، فقال: أيكم أشرٌّ؟ قال: {فساهم فكان من المدحضين}. قال: ألقوني، فإني أنا صاحبكم. فألقوه، فأمر الله - عز وجل - الحوت أن يلتقمه، ولا يكسر له عظمًا، فالتقمه وهو مليم، وذهب به في بطون البحر، {فَنادى فِي الظُّلُماتِ أنْ لا إلَهَ إلّا أنْتَ سُبْحانَكَ إنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ} [الأنبياء: ٨٧]. فقالت الملائكة: يارب، صوت غريب في أرض غريبة!


(١) قال محققو الدر: كذا في النسخ.
(٢) عزاه السيوطي إلى أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وأبي الشيخ.
(٣) أي: خاضوا اللجة، وهي معظم الماء. القاموس (لجج).

<<  <  ج: ص:  >  >>