ورجّح ابنُ جرير (٢٠/ ٣٩) مستندًا إلى اللغة، والسياق، ودلالة العقل: أنهم إنما سألوا ربَّهم تعجيلَ حظوظهم مِن الخير أو الشر على وجه الاستهزاء بوعيد الله، وعلَّل ذلك بقوله: «وإنما قلنا إن ذلك كذلك لأنّ القِطَّ هو: ما وصفت من الكتب بالجوائز والحظوظ، وقد أخبر الله عن هؤلاء المشركين أنهم سألوه تعجيل ذلك لهم، ثم أتبع ذلك قولَه لنبيه: {اصبر على ما يقولون}، فكان معلومًا بذلك أن مسألتهم ما سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - لو لم تكن على وجه الاستهزاء منهم لم يكن بالذي يتبع الأمر بالصبر عليه، ولكن لما كان ذلك استهزاء، وكان فيه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذًى؛ أمره الله بالصبر عليه حتى يأتيه قضاؤه فيهم، ولما لم يكن في قوله: {عجل لنا قطنا} بيان أيِّ القطوط أراد بهم، لم يكن لنا توجيه ذلك إلى أنه معنيٌّ به القطوط ببعض معاني الخير أو الشر، فلذلك قلنا إنّ مسألتهم كانت بما ذكرت من حظوظهم من الخير والشر». ووافقه ابنُ عطية (٧/ ٣٣٠) مستندًا إلى التاريخ، ودلالة العقل، فقال عَقِب ذكره الأقوال في الآية: «وعلى كل تأويل فكلامُهم خرج على جهة الاستخفاف والهزء، ويدل على ذلك ما علم مِن كفرهم واستمر، ولفظ الآية يعطي إقرارًا بيوم الحساب». وذكر ابنُ كثير (١٢/ ٧٨) ترجيحَ ابن جرير، وعلّق عليه قائلًا: «وهذا الذي قاله جيِّد، وعليه يدور كلام الضحاك وإسماعيل بن أبي خالد».