[٤٩٨] علَّقَ ابنُ جرير (٢/ ٥٢٤) على قول الربيع بن أنس هذا قائلًا: «فتأويل قائل هذا القول: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إمامًا}، وقال: {اتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}». ثم انتَقَدَ ابنُ جرير بالسُّنَّة مضمونَ كلام الربيع، فقال: «والخبر الذي ذكرناه عن عمر بن الخطاب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبلُ يدلُّ على خلاف الذي قاله هؤلاء، وأنه أمرٌ من الله -تعالى ذكره- بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمؤمنين به، وجميع الخلق المكلفين». [٤٩٩] رجَّحَ ابن جرير (٢/ ٥٢٩) قولَ قتادة، والربيع، والسُّدِّيّ، مِن أنّ مقام إبراهيم: «هو المقام المعروف بهذا الاسم في المسجد الحرام». استنادًا إلى ما ورد في السُّنَّة من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -، وجابر - رضي الله عنهما -، وما دلَّ عليه واقعُ الحالِ المعروف بين الناس، وقال: «فهذان الخبران يُنبِئان أنّ الله -تعالى ذكره- إنما عنى بمقام إبراهيم الذي أمرنا الله باتخاذه مُصَلًّى هو الذي وصفنا، ولو لم يكن على صحة ما اخترنا في تأويل ذلك خبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكان الواجب فيه من القول ما قلنا، وذلك أنّ الكلام محمولٌ معناه على ظاهره المعروف دون باطنه المجهول، حتى يأتي ما يدل على خلاف ذلك مما يجب التسليم له، ولا شك أنّ المعروف في الناس بمقام إبراهيم هو ما وصفتُ دون جميع الحرم، ودون مواقف الحج كلها» ووافقَه ابنُ كثير (٢/ ٦٣) مُستندًا إلى دلالةِ التّاريخ: «المراد بالمقام إنما هو الحَجَر الذي كان إبراهيم - عليه السلام - يقوم عليه لبناء الكعبة، لَمّا ارتفع الجدار أتاه إسماعيل - عليه السلام - به ليقوم فوقه، ويناوله الحجارة فيضعها بيده لرفع الجدار، وكُلَّما كمل ناحية انتقل إلى الناحية الأخرى يطوف حول الكعبة، وهو واقف عليه كُلَّما فرغ مِن جدار نقله إلى الناحية التي تليها، وهكذا حتى تم جدران الكعبة».