[٥٥٦٨] اختلف السلفُ في قوله: {فطفق مسحا بالسوق والأعناق} على قولين: الأول: أنه عقرها وضرب أعناقها. الثاني: أنه جعل يمسح أعرافها وعراقيبها بيده حبًّا لها. وقد رجّح ابنُ جرير (٢٠/ ٨٧) مستندًا إلى الدلالة العقلية القولَ الثاني، وعلَّل ذلك بقوله: «لأنّ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن -إن شاء الله- لِيُعَذِّب حيوانًا بالعَرْقَبة، ويُهْلِك مالًا مِن ماله بغير سبب، سوى أنه اشتغل عن صلاته بالنظر إليها، ولا ذنب لها باشتغاله بالنظر إليها». وذكر ابنُ عطية (٧/ ٣٤٦) القول الثاني، وقولًا آخر: أنّ {مَسْحًا} معناه: غسلًا. وعلّق عليهما قائلًا: «وهذه الأقوال عندي إنما تترتب على نحو مِن التفسير في هذه الآية». وانتقد ابنُ كثير (١٢/ ٨٩) ترجيحَ ابن جرير مستندًا إلى احتمال جواز ذلك في شرع سليمان، وإلى الدلالة العقلية بقوله: «وهذا الذي رجح به ابنُ جرير فيه نظر؛ لأنه قد يكون في شرعهم جواز مثل هذا، ولا سيما إذا كان غضبًا لله - عز وجل - بسبب أنه اشتغل بها حتى خرج وقت الصلاة؛ ولهذا لما خرج عنها لله تعالى عوضه الله تعالى ما هو خير منها، وهي الريح التي تجري بأمره رخاء حيث أصاب، غدوها شهر ورواحها شهر، فهذا أسرع وخير من الخيل».