للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الناس ويغلبهم. فأكفر الناسُ سليمانَ، فلم يزالوا يكفِّرونه، وبعث ذلك الشيطانُ بالخاتم، فطرحه في البحر، فتلقّته سمكةٌ، فأخذته، وكان سليمان يحمل على شطِّ البحر بالأجر، فجاء رجلٌ، فاشترى سمكًا فيه تلك السمكة التي في بطنها الخاتم، فدعا سليمان، فقال: تحمل لي هذا السمك؟ قال: نعم. قال بكم؟ قال: بسمكة من هذا السمك. فحمل سليمانُ السمكَ، ثم انطلق به إلى منزله، فلما انتهى الرجلُ إلى بابه أعطاه تلك السمكة التي في بطنها الخاتم، فأخذها سليمان، فشقَّ بطنَها، فإذا الخاتم في جوفها، فأخذه فلبسه، فلما لبسه دانت له الجنُّ والإنس والشياطين، وعاد إلى حاله، وهرب الشيطانُ حتى لحق بجزيرة من جزائر البحر، فأرسل سليمان في طلبه، وكان شيطانًا مريدًا، فجعلوا يطلبونه ولا يقدرون عليه، حتى وجدوه يومًا نائمًا، فجاؤوا فبنوا عليه بنيانًا مِن رصاص، فاستيقظ، فوثَب، فجعل لا يثب في مكان من البيت إلا انماطَ (١) معه الرصاص، فأخذوه فأوثقوه، وجاؤوا به إلى سليمان، فأمر به فنُقر له تخت (٢) من رخام، ثم أُدخل في جوفه، ثم سُدّ بالنحاس، ثم أمر به فطرح في البحر، فذلك قوله: {ولَقَدْ فَتَنّا سُلَيْمانَ وأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا}، يعني: الشيطان الذي كان سُلِّط عليه (٣) [٥٥٧١]. (١٢/ ٥٧١)

٦٦٧٣٢ - عن عبد الله بن عباس، قال: كان سليمانُ إذا دخل الخلاءَ أعطى خاتمه أحبَّ نسائه إليه، فإذا هو خرج وقد وُضِع له وضوؤه، فإذا توضأ خرج إليه فلبسه، فدخل يومًا الخلاء، فدفع خاتمه إلى امرأته، فلبث ما شاء الله، وخرج عليها شيطانٌ


[٥٥٧١] ذكر ابنُ كثير (١٢/ ٩٣) هذا الأثر عن ابن عباس، ثم علَّق قائلًا: «إسناده إلى ابن عباس قوي، ولكن الظاهر أنه إنما تلقاه ابن عباس -إن صح عنه- مِن أهل الكتاب، وفيهم طائفة لا يعتقدون نبوة سليمان - عليه السلام -، فالظاهر أنهم يكذبون عليه، ولهذا كان في السياق منكرات مِن أشدها ذكر النساء، فإن المشهور أن ذلك الجني لم يُسلَّط على نساء سليمان، بل عصمهن الله منه تشريفًا وتكريمًا لنبيه - صلى الله عليه وسلم -، وقد رويت هذه القصة مطولة عن جماعة من السلف، كسعيد بن المسيب وزيد بن أسلم وجماعة آخرين، وكلها متلقاة من قصص أهل الكتاب».

<<  <  ج: ص:  >  >>