ثم ذكر ابنُ جرير (٢٠/ ١٤٨ - ١٤٩) القراءة الأخرى، وعلَّق عليها، فقال: «وقرأ ذلك عامة قراء المدينة والبصرة وبعض المكيين والكوفيين بنصب الحق الأول والثاني كليهما، بمعنى: حقًا لأملأن جهنم والحق أقول، ثم أدخلت الألف واللام عليه، وهو منصوب، لأن دخولهما إذا كان كذلك معنى الكلام وخروجهما منه سواء، كما سواء قولهم: حمدًا لله، والحمدَ لله عندهم إذا نصب، وقد يحتمل أن يكون نصبه على وجه الإغراء بمعنى: الزموا الحق، واتبعوا الحق، والأول أشبه؛ لأنه خطاب من الله لإبليس بما هو فاعل به وباتباعه». ثم علّق عليها وعلى قراءة مَن قرأ ذلك برفع الحق الاول ونصب الثاني، فقال: «وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إنّهما قراءتان مستفيضتان في قرأة الأمصار، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب لصحة معنييهما، وأما الحق الثاني فلا اختلاف في نصبه بين قراء الأمصار كلهم، بمعنى: وأقول الحق». وعلّق ابنُ عطية (٧/ ٣٦٧) على قراءة النصب في كليهما، فقال: «وقرأ جمهور القراء: «فالحَقَّ والحَقَّ» بالنصب في الاثنين، فأما الثاني فمنصوب بـ {أقُولُ}، وأما الأول فيحتمل الإغراء، أو القسم على إسقاط حرف القسم، كأنه قال: فوالحق، ثم حذف الحرف كما تقول: الله لأفعلن، تريد: والله، ويقوي ذلك قوله: {لَأَمْلَأَنَّ}».