[٥٧٦٦] اختُلف في خبر قوله تعالى: {إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم}؛ فذكر ابنُ عطية (٧/ ٤٨٩) أن فرقة قالت: إن الخبر في قوله: {أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِن مَكانٍ بَعِيدٍ}. ونقل عن النقاش أنه ذكر أن بلال بن أبي بردة سأل عن هذا في مجلسه، وقال: لم أجد لها نفاذًا. فقال له أبو عمرو بن العلاء: إنه منك لقريب {أُولئِكَ يُنادَوْنَ}. وانتقده، فقال: «ويردّ هذا النظر كثرةُ الحائل، وإن هنالك قومًا قد ذكروا يحسُن ردّ قوله: {أُولئِكَ يُنادَوْنَ} عليهم». ثم ذكر أن فرقة قالت: إن الخبر مضمر، تقديره: إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم هلكوا أو ضلوا. وذكر أيضًا عن بعض نحاة الكوفة أنهم قالوا: إن الجواب في قوله: {وإنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ}. وانتقده بقوله: «وهو ضعيف لا يتجه». ثم ساق قول عيسى بن عمر. ورجَّح مسلك إضمار الخبر، فقال: «والذي يحسن في هذا هو إضمار الخبر». ولم يذكر مستندًا، ثم ذكر تقديرًا آخر غير المذكور في هذا القول، فقال: «ولكنه عند قوم في غير هذا الموضع الذي قدّره هؤلاء فيه، وإنما هو بعد {حَكِيمٍ حَمِيدٍ}، وهو أشد إظهارًا لمذمّة الكفار به؛ وذلك أن قوله: {وإنَّهُ لَكِتابٌ} داخل في صفة الذكر المكذَّب به، فلم يتم ذكر المخبر عنه إلا بعد استيفاء وصفه، وهذا كما تقول: تخالف زيدًا وهو العالم الودود، الذي من شأنه ومن أمره. فهذه كلها أوصاف». وذكر ابنُ جرير (٢٠/ ٤٥٣) نحو هذه الأقوال، ثم رجَّح -مستندًا للغة- أن الأَولى في الخبر أن يكون مما تُرك ذكره اكتفاءً بمعرفة السامعين بمعناه لَمّا تطاول الكلام.