للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَنْتَصِرُونَ} يعني: المجروح، ينتصر من الظالم فيقتصّ منه (١). (ز)

٦٩١٢١ - عن عبد الملك ابن جُريْج، في قوله: {والَّذِينَ إذا أصابَهُمُ البَغْيُ} قال: هذا محمد - صلى الله عليه وسلم - ظُلِم وبُغِي عليه وكُذِّب {هُمْ يَنْتَصِرُونَ} قال: ينتصر محمد - صلى الله عليه وسلم - بالسيف (٢). (١٣/ ١٧١)

٦٩١٢٢ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- ذكر المهاجرين صِنفين: صِنفًا عفا، وصِنفًا انتصر، وقرأ: {والَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الإثْمِ والفَواحِشَ وإذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} قال: فبدأ بهم، {والَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ} إلى قوله: {ومِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ} وهم الأنصار. ثم ذكر الصِّنف الثالث، فقال: {والَّذِينَ إذا أصابَهُمُ البَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} من المشركين (٣) [٥٨٢٣]. (ز)


[٥٨٢٣] اختلف أهل التأويل في الباغي الذي حمد -تعالى ذِكْرُه- المنتصرَ منه بعد بغيه عليه على أقوال: الأول: أنه المشرك إذا بغى على المسلم. الثاني: أن الآية في المجروح ينتصف من الجارح بالقصاص. الثالث: أنه كل باغٍ ومعتدٍ.
ورجّح ابنُ جرير (٢٠/ ٥٢٤) -مستندًا إلى دلالة العموم- القول الأخير الذي قاله السُّدّيّ، وعلَّل ذلك بقوله: «لأن الله لم يخصّص من ذلك معنًى دون معنًى، بل حمد كل منتصر بحقٍّ ممن بغى عليه». ثم قال: «فإن قال قائل: وما في الانتصار من المدح؟ قيل: إن في إقامة الظالم على سبيل الحق وعقوبته بما هو له أهل تقويمًا له، وفي ذلك أعظم المدح».
وعلّق ابنُ عطية (٧/ ٥٢٣ - ٥٢٤) على القول الأول الذي قاله ابن زيد، وعطاء، بقوله: «وقالت هذه الفرقة -وهي الجمهور-: إن المؤمن إذا بغى على مؤمنٍ وظلمه، فلا يجوز للآخر أن ينتصف منه بنفسه ويجازيه على ظلمه. مثال ذلك: أن يخون الإنسان آخر، ثم يتمكن الإنسان من خيانته، فمذهب مالك? أن لا يفعل، وهو مذهب جماعة عظيمة معه، ولم يروا هذه الآية من هذا المعنى، واحتجوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك»». وبيّن أن هذا القول أنزه وأقرب إلى الله تعالى. وذكر أنّ من ذهبوا إلى العموم قالوا بأن مَن بُغي عليه وظُلم فجائز له أن ينتصف لنفسه ويخون من خانه في المال حتى ينتصر منه، وأن الحديث: «ولا تخن من خانك» إنما هو في رجل سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هل يزني بحرمة مَن زنا بحرمته؟ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، يريد به: الزنا، ثم استدرك قائلًا: «وكذلك ورد الحديث في معنى الزنا، ذكر ذلك الرواة، أما إنّ عمومه ينسحب في كل شيء».

<<  <  ج: ص:  >  >>