للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٩٢٨٩ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- {أفنضرب عنكم الذّكر صفحًا ان كنتم قومًا مسرفين}: أي: مشركين. واللهِ، لو أنّ هذا القرآن رُفِع حين ردَّه أوائلُ هذه الأمة لهلكوا، ولكنَّ الله عاد بعائدته ورحمته، كرّره عليهم، ودعاهم إليه عشرين سنة، أو ما شاء الله مِن ذلك (١) [٥٨٣٩]. (١٣/ ١٨٦)

٦٩٢٩٠ - عن إسماعيل السُّدّيّ -من طريق أسباط- {أفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا}، قال: أفنضرب عنكم العذاب (٢). (ز)

٦٩٢٩١ - عن محمد بن السّائِب الكلبي: {صَفْحًا} أنَذَرُ الذِّكرَ مِن أجلكم؟! (٣). (ز)

٦٩٢٩٢ - قال محمد بن السّائِب الكلبي: {أفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا} أفنترككم سُدًى؛ لا نأمركم، ولا ننهاكم (٤). (ز)

٦٩٢٩٣ - قال مقاتل بن سليمان: قوله: {أفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا} يقول لأهل مكة: أفنُذهِب عنكم هذا القرآن سُدًى؛ لا تُسألون عن تكذيبٍ به {أنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ} يعني: مشركين (٥). (ز)

٦٩٢٩٤ - قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {أفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا} قال: الذِّكر ما أُنزل عليهم مما أمرهم الله به ونهاهم {صَفْحًا} لا نذكر لكم منه شيئًا (٦) [٥٨٤٠]. (ز)


[٥٨٣٩] علَّق ابنُ كثير (١٢/ ٣٠٠) على هذا القول الذي قاله قتادة، وابن زيد، والحسن، فقال: «وقول قتادة لطيف المعنى جدًّا، وحاصله أنه يقول في معناه: إنّه تعالى من لطفه ورحمته بخلْقه لا يترك دعاءهم إلى الخير والذّكر الحكيم -وهو القرآن-، وإن كانوا مسرفين معرضين عنه، بل يأمر به ليهتدي مَن قَدّر هدايته، وتقوم الحجة على مَن كَتب شقاوته».
[٥٨٤٠] اختُلف في المراد بالذِّكْر على قولين: الأول: أنّه ذِكْر العذاب، فالمعنى: أفنُمْسِكُ عن عذابكم ونترُكُكم على كفركم؟!. الثاني: أنه القرآن، فالمعنى: أفنُمْسِكُ عن إنزال القرآن من أجل أنكم لا تؤمِنون به؟!
ورجَّح ابنُ جرير (٢٠/ ٥٥٠) -مستندًا إلى السياق- القولَ الأول الذي قاله ابن عباس، والسُّدّيّ، ومجاهد، وأبو صالح، ومقاتل، فقال: «لأنّ الله -تبارك وتعالى- أتْبَع ذلك خبرَه عن الأمم السالفة قبل الأُمَّة التي توعّدها بهذه الآية في تكذيبها رسلها، وما أحلّ بها مِن نقمته، ففي ذلك دليلٌ على أنّ قوله: {أفنضرب عنكم الذكر صفحا} وعيدٌ منه للمخاطبين به مِن أهل الشِّرك؛ إذ سلكوا في التكذيب بما جاءهم عن الله رسولهم مسلك الماضين قبلهم».
وقال ابنُ عطية (٧/ ٥٣٣ - ٥٣٤): "قوله تعالى: {صَفْحًا} انتصابه كانتصاب {صُنْعَ اللَّهِ} [النمل: ٨٨]، فيحتمل أن يكون بمعنى: العفو والغفر للذنب، فكأنه يقول: أفنترك تذكيركم وتخويفكم عفوًا عنكم وغفرًا لإجرامكم أن كنتم، أو من أجل أن كنتم قومًا مسرفين، هذا لا يصلح، وهذا قول ابن عباس ومجاهد، ويحتمل قوله: {صَفْحًا} أن يكون بمعنى: مغفولًا عنه، أي: نتركه يمرُّ لا تؤخذون بقوله ولا بتدبُّره ولا تُنَبهون عليه، وهذا المعنى نظير قول الشاعر:
تمر الصبا صفحًا بساكن ذي الغضا ويصدع قلبي إن يهب هبوبها
أي: تمر مغفولًا عنها، فكأن هذا المعنى: أفنترككم سدًى، وهذا هو منحى قتادة وغيره، ومن اللفظة قول كثير:
صفوحًا فما تلقاك إلا بخيلة فمَن ملّ منها ذلك الوصل ملّت".

<<  <  ج: ص:  >  >>