وذكر ابنُ جرير (٢٠/ ٥٦٦ - ٥٦٧) أنّ من قرأوا بالنون كأنهم تأولوا في ذلك قول الله -جل ثناؤه-: {إن الذين عند ربك لا يستكبرون} [الأعراف: ٢٠٦]، وأن تفسير الكلام على هذه القراءة: وجعلوا ملائكة الله الذين هم عنده يسبّحونه إناثًا، فقالوا: هم بنات الله جهلًا منهم بحقِّ الله، وجرأة منهم على قيل الكذب والباطل، وأن القراءة الثانية بمعنى: جمع عبْد، وأنّ معنى الكلام عليها: وجعلوا ملائكة الله الذين هم خلْقه وعباده بنات الله، فأنّثوهم بوصفهم إياهم بأنهم إناث. وذكر ابنُ عطية (٧/ ٥٣٩) أن القراءة الأولى أدلُّ على رفع المنزلة وقُربها في التكرمة، كما قيل: مَلَك مقرّب. ورجَّح ابنُ جرير (٢٠/ ٥٦٧) صحة كلتا القراءتين مستندًا إلى شهرتهما، وصحة معناهما، فقال: «والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان في قراءة الأمصار صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وذلك أن الملائكة عباد الله، وعنده». وعلَّق ابنُ عطية (٧/ ٥٣٩) عليهما بقوله: «وقد تصرّف المعنيان في كتاب الله تعالى في وصف الملائكة في غير هذه الآية، فقال تعالى: {بل عباد مكرمون} [الأنبياء: ٢٦]، وقال سبحانه في أخرى: {فالذين عند ربك} [فصلت: ٣٨]».