للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأمّهم، وصلّى بهم، فقال الله له: سَلْهم. قال: فكان أشدَّ إيمانًا ويقينًا باللهِ وبما جاءه مِن الله من أنْ يسألهم. وقرأ: {فَإنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمّا أنْزَلْنا إلَيْكَ فاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الكِتابَ مِن قَبْلِكَ} [يونس: ٩٤]. قال: فلم يكن في شكّ، ولم يسأل الأنبياء، ولا الذين يقرءون الكتاب. قال: «ونادى جبريل - عليه السلام -، فقلتُ في نفسي: الآن يؤمّنا أبونا إبراهيم». قال: «فدفع جبريلُ في ظهري، قال: تقدّم -يا محمد- فصلِّ». وقرأ: {سُبْحانَ الَّذِي أسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ المَسْجِدِ الحَرامِ إلى المَسْجِدِ الأَقْصى} حتى بلغ: {لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا} [الإسراء: ١] (١). (١٣/ ٢١٥)

٦٩٥٧٣ - عن سفيان بن عُيَينة -من طريق ابن أبي عمر- في قوله: (وسَلْ مَن أرْسَلْنا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنا) كذلك قرأها، قال: سل جبريل، وهو قوله: {فسئلوا أهل الذكر} [النحل: ٤٣، الأنبياء: ٧] (٢) [٥٨٧٣]. (ز)


[٥٨٧٣] اختُلف في الذين أُمِر بمسألتهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله: {وسْئَلْ مَن أرْسَلْنا} على قولين: الأول: أنهم مؤمنو أهل الكتابين: التوراة، والإنجيل. الثاني: أنهم الأنبياء الذين جُمعوا له ليلة أسري به ببيت المقدس.
وعلَّق ابنُ عطية (٧/ ٥٥١) على القول الأول الذي قاله ابن عباس من طريق أبي صالح، ومجاهد، والسُّدّيّ، وقتادة، والضحاك، وعطاء، والحسن، والمقاتلان بقوله: «لأنّ المفهوم أنه لا سبيل إلى سؤاله الرسل إلا بالنظر في آثارهم وكتبهم وسؤال من حفظها، وفي قراءة ابن مسعود، وأبي بن كعب: (وسْئَلِ الَّذِينَ أرْسَلْنا إلَيْهِمْ رُسُلَنا)، فهذه القراءة تؤيد هذا المعنى. وكذلك قوله: {وسئل القرية} [يوسف: ٨٢] مفهوم أنه لا يسأل إلا أهلها، ومما ينظر الى هذا المعنى قوله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} [النساء: ٥٩]، فمفهوم أن الردّ إنما هو إلى كتاب الله وسنة رسوله، وأن المحاورة في ذلك إنما هو لتبّاعهم وحفظة الشرع».
وبنحوه قال ابنُ جرير (٢٠/ ٦٠٦).
ورجَّح ابنُ جرير (٢٠/ ٦٠٦) القول الأول، فقال: «وأولى القولين بالصواب في تأويل ذلك قول من قال: عني به: سل مؤمني أهل الكتابين». ولم يذكر مستندًا.
وذكر ابنُ عطية أن فرقة قالت: أراد: أن اسأل جبريل. وانتقده بقوله: «وفيه بُعد». ونقل أن فرقة قالت: أراد: واسألني، أو واسألنا عمّن أرسلنا. وعلَّق عليه بقوله: «والأَولى -على هذا التأويل- أن يكون: {مَن أرْسَلْنا} استفهامًا أمره أن يسأل به، كأن سؤاله: يا رب، مَن أرسلت قبلي من رسلك؟ أجعلت في رسالته الأمر بآلهة يعبدون؟ ثم ساق السؤال محكي المعنى، فردّ المخاطبة إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - في قوله: {مِن قَبْلِكَ}».
وساق ابنُ القيم (٢/ ٤٣٨ - ٤٣٩) القولين، ثم علق بقوله: «وعلى كل تقدير فالمراد: التقرير لمشركي قريش وغيرهم ممن أنكر النبوات والتوحيد، وأن الله أرسل رسلًا، أو أنزل كتابًا، أو حرّم عبادة الأوثان، فشهادة أهل الكتاب بهذا حجة عليهم، وهي من أعلام صِحَّة رسالته - صلى الله عليه وسلم -».

<<  <  ج: ص:  >  >>