وعلَّق ابنُ عطية (٧/ ٥٥١) على القول الأول الذي قاله ابن عباس من طريق أبي صالح، ومجاهد، والسُّدّيّ، وقتادة، والضحاك، وعطاء، والحسن، والمقاتلان بقوله: «لأنّ المفهوم أنه لا سبيل إلى سؤاله الرسل إلا بالنظر في آثارهم وكتبهم وسؤال من حفظها، وفي قراءة ابن مسعود، وأبي بن كعب: (وسْئَلِ الَّذِينَ أرْسَلْنا إلَيْهِمْ رُسُلَنا)، فهذه القراءة تؤيد هذا المعنى. وكذلك قوله: {وسئل القرية} [يوسف: ٨٢] مفهوم أنه لا يسأل إلا أهلها، ومما ينظر الى هذا المعنى قوله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} [النساء: ٥٩]، فمفهوم أن الردّ إنما هو إلى كتاب الله وسنة رسوله، وأن المحاورة في ذلك إنما هو لتبّاعهم وحفظة الشرع». وبنحوه قال ابنُ جرير (٢٠/ ٦٠٦). ورجَّح ابنُ جرير (٢٠/ ٦٠٦) القول الأول، فقال: «وأولى القولين بالصواب في تأويل ذلك قول من قال: عني به: سل مؤمني أهل الكتابين». ولم يذكر مستندًا. وذكر ابنُ عطية أن فرقة قالت: أراد: أن اسأل جبريل. وانتقده بقوله: «وفيه بُعد». ونقل أن فرقة قالت: أراد: واسألني، أو واسألنا عمّن أرسلنا. وعلَّق عليه بقوله: «والأَولى -على هذا التأويل- أن يكون: {مَن أرْسَلْنا} استفهامًا أمره أن يسأل به، كأن سؤاله: يا رب، مَن أرسلت قبلي من رسلك؟ أجعلت في رسالته الأمر بآلهة يعبدون؟ ثم ساق السؤال محكي المعنى، فردّ المخاطبة إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - في قوله: {مِن قَبْلِكَ}». وساق ابنُ القيم (٢/ ٤٣٨ - ٤٣٩) القولين، ثم علق بقوله: «وعلى كل تقدير فالمراد: التقرير لمشركي قريش وغيرهم ممن أنكر النبوات والتوحيد، وأن الله أرسل رسلًا، أو أنزل كتابًا، أو حرّم عبادة الأوثان، فشهادة أهل الكتاب بهذا حجة عليهم، وهي من أعلام صِحَّة رسالته - صلى الله عليه وسلم -».