للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٠٦٥ - عن خُصَيْف -من طريق محمد بن سلمة - قال: الحنيف: المُخْلِص (١). (١/ ٧٢٣)

٤٠٦٦ - قال مقاتل بن سليمان: {قل بل} الدين {ملة إبراهيم} يعني: الإسلام. ثم قال: {حنيفًا} يعني: مُخْلِصًا، {وما كان من المشركين} يعني: من اليهود والنصارى (٢) [٥٢٧]. (ز)


[٥٢٧] ذَهَبَ ابنُ جرير (٢/ ٥٨٧)، وابنُ عطية (١/ ٣٥٩)، وابنُ تيمية (١/ ٣٥٢) إلى أنّ الحنيف في الدين: هو الذي مال عن الأديان المكروهة إلى الحق، وأنّ الحنيفية: هي ملة إبراهيم، وأَنَّها عبادةُ الله وحدَه والبراءة من الشرك. وأنّ تنوّع عبارات المفسرين إنما هو من قبيل التفسير بجزء المعنى.
قال ابنُ جرير مستدلًّا بالدلالات العقليّة: «الحنيف -عندي-: هو الاستقامة على دين إبراهيم، واتِّباعه على ملته، وذلك أنّ الحنيفية لو كانت حَج البيت لَوَجَب أن يكون الذين كانوا يحجونه في الجاهلية من أهل الشرك كانوا حنفاء، وقد نفى الله أن يكون ذلك تَحَنُّفًا بقوله: {ولكن كان حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين}. فكذلك القول في الخِتان؛ لأنّ الحنيفية لو كانت هي الختان لَوَجَب أن يكون اليهود حُنفاء، وقد أخرجهم الله من ذلك بقوله: {ما كانَ إبْراهِيمُ يَهُودِيًّا ولا نَصْرانِيًّا ولَكِنْ كانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا}. فقد صحّ إذًا أن الحنيفية ليست الختانَ وحدَه، ولا حجَّ البيت وحده، ولكنه هو ما وصفنا: من الاستقامة على ملة إبراهيم، واتباعه عليها، والائتمام به فيها».
وقال ابنُ عطية (١/ ٣٥٩ بتصرف): «الحنيف في الدين: الذي مالَ عن الأديان المكروهة إلى الحق، ويجيء الحنيف في الدين: المستقيم على جميع طاعات الله - عز وجل -، وقد خَصَّص بعضُ المفسرين، فقال قوم: الحنيف: الحاجُّ. وقال آخرون: المُخْتَتِن. وهذه أجزاء الحنف».
وقال ابنُ تيمية (١/ ٣٥٢ بتصرف): «القرآن كله يدلُّ على أنّ الحنيفية هي ملة إبراهيم، وأنها عبادة الله وحده، والبراءة من الشرك، وعبادته سبحانه إنّما تكون بما أمر به وشَرَعه، وذلك يدخل في الحنيفية، ولا يدخل فيها ما ابتُدِعَ من العبادات، كما ابتدع اليهود والنصارى عبادات لم يأمر بها الأنبياء، وقد أمر الله أهل الكتاب وغيرهم أن يعبدوه مخلصين له الدين حنفاء، فبَدَّلوا وتَصَرُّفوا من بعد ما جاءتهم البينة. وكلامُ السلفِ وأهل اللغة يدل على هذا؛ وإن تَنَوَّعَتْ عباراتهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>