للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويُكثِر النَّظَر إلى السماء، ينتظر أمر الله؛ فأنزل الله: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام}. فقال رجال من المسلمين: ودِدْنا لو علمنا مَن مات مِنّا قبل أن نُصرَف إلى القِبْلة، وكيف بصلاتنا نحو بيت المقدس؟ فأنزل الله: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}. وقال السفهاء من الناس -وهم من أهل الكتاب-: ما ولاّهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فأنزل الله: {سيقول السفهاء} إلى آخر الآية (١). (٢/ ٥)

٤١٥٥ - عن البراء بن عازب: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده أو أخواله من الأنصار، وأنّه صلّى قِبَل بيت المقدس ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان يُعجبه أن تكون قِبْلته قِبَل البيت، وأنه صلّى صلاة العصر ومعه قوم، فخرج رجلٌ مِمَّن صلّى معه، فمرَّ على أهل المسجد وهم ركوع، فقال: أشهدُ لقد صلَّيْتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قِبَل مكة. فداروا كما هم قِبَل البيت، وكان يعجبه أن يُحوَّل قِبَل البيت، وكان اليهود قد أعجبهم هذا؛ أن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي قِبَل بيت المقدس، وأهلُ الكتاب، فلمّا ولّى وجهه قِبَل البيت أنكروا ذلك (٢). (ز)

٤١٥٦ - عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- قال: إنّ أول ما نُسِخ في القرآن القِبْلة، وذلك أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَمّا هاجر إلى المدينة، وكان أكثر أهلها اليهود؛ أمره الله أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضعة عشر شهرًا، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ قِبْلة إبراهيم، وكان يدعو الله وينظر إلى السماء؛ فأنزل الله: {قد نرى تقلب وجهك} إلى قوله: {فولوا وجوهكم شطره}. يعني: نحوه، فارتاب من ذلك اليهود، وقالوا: ما ولّاهم عن قبلتهم الني كانوا عليها؟ فأنزل الله: {قل لله المشرق والمغرب}. وقال: {فأينما تولوا فثم وجه الله} [البقرة: ١١٥] (٣). (٢/ ٦)


(١) أخرجه ابن إسحاق -كما في تفسير ابن كثير ١/ ٤٥٣، والعُجاب لابن حجر ١/ ٣٩٦ - ، من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي إسحاق، عن البراء.
إسناد صحيح؛ فأبو إسحاق السبيعي وإن كان كثير التدليس لكن روايته عن البراء محمولة على السماع، فقد أخرجها البخاري من طريقه بنحو لفظه، كما في الحديث السابق والآتي.
(٢) أخرجه البخاري ١/ ١٧ (٤٠)، وابن جرير ٢/ ٦٢٠ - ٦٢١.
(٣) أخرجه النحاس في الناسخ والمنسوخ ص ٧١، وابن جرير ٢/ ٤٥٠، وابن أبي حاتم ١/ ٢٤٨ (١٣٢٩)، ١/ ٢٥٣ (١٣٥٥).
وإسناده جيد. ينظر: مقدمة الموسوعة. قال ابن حجر في العُجاب ١/ ٢٠٧: «وعليٌّ صدوق لم يلق ابن عباس، لكنه إنّما حمل عن ثقات أصحابه، فلذلك كان البخاري وابن أبي حاتم وغيرهما يعتمدون على هذه النسخة». وتوبع عليٌّ في روايته عن ابن عباس، فرواه عنه عطاء بن أبي رباح، وصحَّحه الحاكم على شرط الشيخين، وقد تقدّم ذكره سابقًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>