للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأنزل الله في الآخرين الآيات بعدها (١). (٢/ ١٠)

٤١٦٤ - قال مقاتل بن سليمان: {سيقول السفهاء من الناس}، وذلك أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كانوا بمكة يُصَلُّون ركعتين بالغداة، وركعتين بالعَشِيِّ، فلمّا عُرِج بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إلى السماء ليلًا أُمِر بالصلوات الخمس، فصارت الركعتان للمسافر، وللمقيم أربع ركعات، فلمّا هاجر إلى المدينة لليلتين خَلَتا من ربيع الأول أُمِر أن يُصَلِّي نحو بيت المقدس؛ لِئَلّا يُكَذِّب به أهل الكتاب إذا صلّى إلى غير قِبْلتهم، مع ما يجدون من نعته في التوراة. فصلّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه قِبَل بيت المقدس من أوّل مَقْدمه المدينة سبعة عشر شهرًا، وصلَّت الأنصار قِبَل بيت المقدس سنتين قَبْل هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانت الكعبةُ أحبَّ القبلتين إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال لجبريل - عليه السلام -: وددت أنّ ربي صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها. فقال جبريل - عليه السلام -: إنّما أنا عبدٌ مثلك لا أملك شيئًا، فاسأل ربك ذلك. وصعد جبريل إلى السماء، وجعل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل - عليه السلام - بما سأل؛ فأنزل الله - عز وجل - في رجب، عند صلاة الأولى، قبل قتال بدر بشهرين: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره}. ولَمّا صُرِفَت القِبْلة إلى الكعبة قال مشركو مكة: قد تَرَدَّد على أمره، واشتاق إلى مولد آبائه، وقد توجّه إليكم وهو راجع إلى دينكم. فكان قولهم هذا سَفَهًا منهم؛ فأنزل الله - عز وجل -: {سيقول السفهاء من الناس}، يعني: مُشرِكي مكة (٢). (ز)

٤١٦٥ - عن مالك بن أنس -من طريق عبد الله بن وهْب-: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن قَدِم المدينة صلّى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرًا، ثم أُمِر بالتحويل إلى الكعبة، فتحول إلى الكعبة في صلاة الصبح، فذهب ذاهب إلى قباء، فوجدهم في صلاة الصبح، فقال لهم: إنّ النبي - عليه السلام - قد أُنزل عليه القرآن، وقد أُمر أن يستقبل الكعبة. فاستداروا وهم في الصلاة [طاعةً] لله، واتِّباعًا لأمره، قال: ونزل القرآن: {سيقول


(١) أخرجه ابن جرير ٢/ ٦٢٥، ٦٤٠، ٦٤١.
(٢) تفسير مقاتل بن سليمان ١/ ١٤٣ - ١٤٤.
قال ابن حجر في العُجاب ١/ ٣٩٦: «وجدت هذا السبب بهذا السياق في تفسير مقاتل بن سليمان، فيحتمل أن يكون مراده بقوله:» قال ثم قال «إلى آخره، غير ابن الكلبي، وهو مقاتل، فيكون ظاهره الإدراج على كلام ابن الكلبي عن ابن عباس، ويحتمل أن يكونا تَوارَدا».

<<  <  ج: ص:  >  >>