للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَهِدْنا إلى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ ولَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: ١١٥]. ثم ذكر له صبر الأنبياء وأولي العزْم مِن قبله من الرسل على البلاء، منهم إبراهيم خليل الرحمن - عليه السلام - حين أُلقي في النار، ونوح - عليه السلام - على تكذيب قومه، وكان يُضْرَب حتى يُغشى عليه، فإذا أفاق قال: اللهم، اغفر لقومي؛ فإنهم لا يعلمون شيئًا. وإسحاق في أمْر الذّبح، ويعقوب في ذهاب بصره مِن حُزنه على يوسف حين أُلقي في الجُبّ والسّجن، وأيوب - عليه السلام - في صبْره على البلاء، ويونس بن متّى - عليه السلام - في بطن الحوت، وغيرهم صبروا على البلاء، ومنهم اثنا عشر نبيًّا ببيت المقدس، فأوحى الله تعالى إليهم أنِّي منتقم مِن بني إسرائيل بما صنعوا بيحيى بن زكريا، فإن شئتم أن تختاروا أنْ أُنزل بكم النِّقمة وأُنجي بقيّة بنى إسرائيل، وإن كرهتم أنزلتُ تلك النِّقمة والعقوبة بهم وأنجيتكم، فاستقام رأيهم على أن يُنزل بهم العقوبة، وهم اثنا عشر، وينجي قومهم، فدعَوا ربهم أن يُنزل بهم العقوبة وينجي بني إسرائيل، فسلّط عليهم ملوك أهل الأرض، فأهلكوهم، فمنهم مَن نُشر بالمنشار، ومنهم مَن سُلخ رأسه ووجهه، ومنهم مَن رُفع على الخشب، ومنهم مَن أُحرق بالنار، ومنهم مَن شُدخ رأسه، وأمر نبيّه - صلى الله عليه وسلم - أن يصبر كما صبر هؤلاء؛ فإنّه قد نزل بهم ما لم ينزل بك (١) [٥٩٩٨]. (ز)

٧٠٦٩٤ - عن الحسن بن زيد -من طريق مالك بن أنس- في هذه الآية: {فاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُو العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}: أنهم أربعة، ولم يحفظ أسماءهم (٢). (ز)

٧٠٦٩٥ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {فاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُو العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}، قال: كلّ الرسل كانوا أولي عزْم، لم يتَّخِذِ اللهُ رسولًا إلا كان ذا عزْم، فاصبر كما صبروا (٣) [٥٩٩٩]. (ز)


[٥٩٩٨] ساق ابن عطية (٧/ ٦٣٦) قول مقاتل، ثم علَّق بقوله: «وانظر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في موسى: «يرحم الله موسى، أوذي بأكثر من هذا فصبر». ولا محالة أن لكل نبي ورسول عزْمًا وصبرًا -صلى الله عليهم وسلم-».
[٥٩٩٩] ذكر ابنُ عطية (٧/ ٦٣٥) أن {من} على قول ابن زيد لبيان الجنس. ثم قال: «ولكن قوله: {كما صبر أولوا العزم} يتضمن رسلًا وغيرهم، فبيّن بعد ذلك جنس الرسل خاصّة تعظيمًا لهم».
وذكر ابنُ كثير (١٣/ ٥٦) أنّ أشهر الأقوال في أولي العزم أنهم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، وخاتم الأنبياء كلّهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، الذين نصّ الله على أسمائهم مِن بين الأنبياء في آيتين من سورتي الأحزاب والشورى، وأنه يحتمل أن يكون المراد بأولي العزم جميع الرسل، وتكون {من} في قوله: {من الرسل} لبيان الجنس، كما هو قول ابن زيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>