للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها}، قال: هم الذين تخلّفوا عن نبيّ الله - صلى الله عليه وسلم - من الحُدَيبية (١). (١٣/ ٤٧٦)

٧١١٩٥ - عن جُويبر، في قوله: {سَيَقُولُ لَكَ المُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرابِ شَغَلَتْنا أمْوالُنا وأَهْلُونا}، قال: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حين انصرف مِن الحُدَيبية وسار إلى خَيْبَر تخلّف عنه أناسٌ مِن الأعراب، فلحقوا بأهاليهم، فلمّا بلغهم أنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قد افتتح خَيْبَر ساروا إليه، وقد كان أمَرَهُ أن لا يعطي أحدًا تخلّف عنه مِن مَغنم خَيْبَر، ويَقسِم مغنمها مَن شهد الفتح، وذلك قوله: {يُرِيدُونَ أنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} يعني: ما أمر الله نبيّه - صلى الله عليه وسلم - ألّا يعطي أحدًا تخلّف عنه مِن مَغنم خَيْبَر شيئًا (٢). (١٣/ ٤٧٥)

٧١١٩٦ - قال مقاتل بن سليمان: {سَيَقُولُ المُخَلَّفُونَ} عن الحُدَيبية مخافة القتل {إذا انْطَلَقْتُمْ إلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها} يعني: غنائم خَيْبَر {ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ} إلى خَيْبَر، وكان الله تعالى وعد نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - بالحُدَيبية أن يفتح عليه خَيْبَر، ونهاه عن أن يسير معه أحدٌ مِن المتخلفين، فلمّا رجع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِن الحُدَيبية يريد خَيْبَر قال المُخلّفون: ذرونا نتبعكم؛ فنصيب معكم من الغنائم. فقال الله تعالى: {يُرِيدُونَ أنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} يعني: أن يُغيِّروا كلام الله الذي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو ألّا يسير معه أحد منهم (٣). (ز)

٧١١٩٧ - عن عبد الملك ابن جُرَيْج، {يُرِيدُونَ أنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ}، قال: كتاب الله، كانوا يُبَطِّئون المسلمين عن الجهاد، ويأمرونهم أن يَفِرّوا (٤). (ز)

٧١١٩٨ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {سَيَقُولُ المُخَلَّفُونَ إذا انْطَلَقْتُمْ إلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ} الآية: قال الله - عز وجل - له حين رجع من غزْوِه: {فاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أبَدًا ولَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا} [التوبة: ٨٣] الآية، {يُرِيدُونَ أنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} أرادوا أنْ يغيّروا كلام الله الذي قال لنبيّه - صلى الله عليه وسلم - ويخرجوا معه، وأبى الله ذلك عليهم ونبيّه - صلى الله عليه وسلم - (٥) [٦٠٥٦]. (ز)


[٦٠٥٦] اختُلف في معنى: {يُرِيدُونَ أنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} في هذه الآية على أقوال: الأول: يريدون أن يُغيِّروا وعْد الله لأهل الحُدَيبية بِجَعْل غنائم خَيْبَر لهم. الثاني: أنّ الله تعالى وعَد نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - بالحُدَيبية أن يفتح عليه خَيْبَر، ونهاه عن أن يسير معه أحد من المتخلِّفين، فأراد المخَلَّفون أنْ يغيِّروا كلام الله الذي أمر به نبيَّه - صلى الله عليه وسلم -. الثالث: يريدون أن يبدِّلوا كلام الله، أي: كتاب الله، كانوا يُبطِّئون المسلمين عن الجهاد ويأمرونهم أن يفرُّوا. الرابع: عُنِيَ بالآية: إرادتهم الخروج مع نبيِّ الله - صلى الله عليه وسلم - في غَزْوِه، وقد قال الله -تبارك وتعالى-: {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أبَدًا ولَنْ تُقاتِلُوا مَعِي عَدُوًّا} [التوبة: ٨٣].
ورجَّح ابنُ جرير (٢١/ ٢٦٤) القول الأول، وهو قول مجاهد، ومقسم، وقتادة، وجويبر.
وانتقد (٢١/ ٢٦٣) القول الرابع، وهو قول ابن زيد، مستندًا إلى أحوال النزول، والدلالة العقلية، فقال: «وهذا الذي قاله ابن زيد قولٌ لا وجْه له؛ لأن قول الله - عز وجل -: {فاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أبَدًا ولَنْ تُقاتِلُوا مَعِي عَدُوًّا} إنما نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُنصَرَفَه مِن تبوك، وعُنِيَ به الذين تخلَّفوا عنه حين توجَّه إلى تبوك لغزو الروم، ولا اختلاف بين أهل العلم بمغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّ تبوك كانت بعد فتح خَيْبَر، وبعد فتح مكة أيضًا، فكيف يجوز أن يكون الأمرُ على ما وصفنا معنِيًّا بقول الله: {يُرِيدُونَ أنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ}، وهو خبرٌ عن المتخلِّفين عن المسير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - -إذ شخَص معتمرًا يريد البيت، فصدَّه المشركون عن البيت- الذين تخلَّفوا عنه في غزوة تبوك، وغزوة تبوك لم تكن كانت يوم نزلت هذه الآية، ولا كان أُوحِي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله: {فاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أبَدًا ولَنْ تُقاتِلُوا مَعِي عَدُوًّا}».
وانتقده ابنُ عطية (٧/ ٦٧٥) -مستندًا إلى أحوال النزول- قائلًا: «وهذا قول ضعيف؛ لأنّ هذه الآية نزلتْ في رجوع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تبوك، وهذا في آخر عمره - صلى الله عليه وسلم -، وآية هذه السورة نزلت سنة الحُدَيبية، وأيضًا فقد غزت جُهَينة ومُزَيْنَة بعد هذه المدة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد فضَّلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - -بعد ذلك- على تميم وغطفان وغيرهم مِن العرب، الحديث المشهور، فأخبره الله تعالى أن يقول لهم في هذه الغزوة إلى خَيْبَر: {لَنْ تَتَّبِعُونا}، وخصَّ الله تعالى بها أهل الحُدَيبية».
ونحوه قال ابنُ كثير (١٣/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>