للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧١٢٢٥ - عن عبد الملك ابن جُرَيْج، في قوله: {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ}، قال: ... إلى قتال فارس (١). (١٣/ ٤٧٨)

٧١٢٢٦ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {سَتُدْعَوْنَ إلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ}، قال: فارس، والروم (٢) [٦٠٥٧]. (ز)


[٦٠٥٧] اختُلف في قوله تعالى: {قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} مَن هؤلاء القوم على أقوال: الأول: هَوازن بحنين. الثاني: الروم. الثالث: أهل الرّدة وبنو حنيفة باليمامة. الرابع: فارس والروم. الخامس: هم أهل فارس. السادس: لم تأت هذه الآية بعد.
ورجَّح ابنُ جرير (٢١/ ٢٦٩) مستندًا إلى دلالة الإطلاق في ظاهر الآية «أن يُقال: إنّ الله -تعالى ذِكْره- أخبر عن هؤلاء المخلَّفين من الأعراب أنهم سيُدعَون إلى قتال قومٍ أولي بأسٍ في القتال، ونجدةٍ في الحروب، ولم يوضَع لنا الدليل من خبرٍ ولا عقلٍ على أن المعنيَّ بذلك هوازن، ولا بنو حنيفة، ولا فارس، ولا الروم، ولا أعيانٌ بأعيانهم، وجائزٌ أن يكون عُنِيَ بذلك بعض هذه الأجناس، وجائزٌ أن يكون عُنِيَ بهم غيرهم، ولا قول فيه أصح مِن أن يُقال كما قال الله -جلَّ ثناؤه-: إنهم سيُدعَون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديد».
وعلَّق ابنُ عطية (٧/ ٦٧٦) على القول الأول بقوله: «ويندرج في هذا القول عندي مَن حورب وغلب في فتح مكة». ثم رجَّح القول الأول والثاني مستندًا إلى دلالة الواقع، وانتقد باقي الأقوال قائلًا: «والقولان الأوَّلان حسنان؛ لأنهما الذي كشف الغيب، وباقيهما ضعيف».
ثم نقل ابنُ عطية تعليق منذر بن سعيد على القول الثالث بقوله: «وقال منذر بن سعيد: يتركَّب على هذا القول أن الآية مُؤذنة بخلافة أبي بكر الصِّديق وعمر بن الخطاب». ووجَّهه بقوله: «يريد: لما كشف الغيب أنهما دَعَوا إلى قتال أهل الردة». ونقل عن منذر بن سعيد أيضًا قوله: «رفع الله في هذه الجزية، وليس إلا القتال أو الإسلام، وهذا لا يوجد إلا في أهل الردة». ثم علَّق عليه بقوله: «وكذا مَن حورب في فتح مكة».
ورجَّح ابنُ تيمية (٦/ ٢١ - ٢٢) القول الرابع مستندًا إلى دلالة الواقع، فذكر: أن أظهر الأقوال في الآية هو أن المراد «تُدعون إلى قتال أولي بأس شديد أعظم من العرب، لا بُدَّ فيهم مِن أحد أمرين: إما أن يُسلموا، وإما أن يُقاتَلوا؛ بخلاف مَن دُعوا إليه عام الحُدَيبية، فإنّ بأسهم لم يكن شديدًا مثل هؤلاء ودُعوا إليهم، ففي ذلك لم يُسلموا ولم يقاتلوا. وكذلك عام الفتح في أول الأمر لم يُسلموا ولم يقاتلوا، لكن بعد ذلك أسلموا. وهؤلاء هم الروم والفرس ونحوهم، فإنه لابد من قتالهم إذا لم يُسلموا، وأول الدعوة إلى قتال هؤلاء عام مؤتة وتبوك».
وانتقد (٦/ ١٩) القول الأول بأنه لا «يجوز أن يكون دعاهم إلى قتال أهل مكة وهَوازن عقيب عام الفتح؛ لأن هؤلاء هم الذين دعوا إليهم عام الحُدَيبية، ومن لم يكن منهم فهو من جنسهم ليس هو أشدَّ بأسًا منهم، كلّهم عرب من أهل الحجاز، وقتالهم من جنس واحد، وأهل مكة ومَن حولها كانوا أشد بأسًا وقتالًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يوم بدر وأحد والخندق مِن أولئك، وكذلك في غير ذلك من السرايا».

<<  <  ج: ص:  >  >>