للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أصحابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد انكشفوا، فقال ثابت لسالم مولى أبي حُذيفة: ما هكذا كُنّا نقاتل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم حفر كل منهما لنفسه حُفرة، وحمل عليهم القوم، فثبتا حتى قُتلا، وكانت على ثابت يومئذ دِرْعٌ له نفيسة، فمرّ به رجل من المسلمين، فأخذها، فبَينا رجل من المسلمين نائم إذ أتاه ثابت بن قيس في منامه، فقال له: إني أوصيك بوصيّة؛ إياك أن تقول: هذا حُلْمٌ؛ فتُضيّعه، إني لما قُتلتُ أمس مرّ بي رجل من المسلمين، فأخذ درعي، ومَنزله في أقصى العسكر، وعند خِبائه فَرسٌ يَسْتَنُّ (١) في طِوَلِهِ (٢)، وقد كَفَأ على الدِّرْع بُرْمة، وجعل فوق البُرْمة رَحلًا، فأْتِ خالد بن الوليد، فمُرْه أن يبعث إلى درعي فيأخذها، وإذا قدمتَ على خليفة رسول الله فأخْبِره أنّ عليَّ من الدَّيْن كذا وكذا، ولي مِن الدَّيْن كذا وكذا، وفلان مِن رقيقي عتيق وفلان، فإيّاك أن تقول هذا حُلْمٌ؛ فتضيّعه. فأتى الرجلُ خالدَ بن الوليد، فأخبَره، فبعث إلى الدِّرْع، فنظر إلى خِباءٍ في أقصى العسكر، فإذا عنده فَرسٌ يَسْتَنّ في طِوَله، فنظر في الخِباء فإذا ليس فيه أحد، فدخلوا، فدفعوا الرَّحل، فإذا تحته بُرْمة، ثم رفعوا البُرْمة، فإذا الدِّرْع تحتها، فأتَوا به خالد بن الوليد، فلما قدموا المدينة حدّث الرجلُ أبا بكر برؤياه، فأجاز وصيّته بعد موته، ولم نعلم أحدًا مِن المسلمين جُوِّز وصيتُه بعد موته غير ثابت بن قيس بن شَمّاس (٣). (١٣/ ٥٣٤)

٧١٥٩٦ - قال مقاتل بن سليمان: لَمّا نَزَلتْ هذه الآية: [أي: قوله تعالى: {لا فَوْقَ تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ صَوْتِ النَّبِيِّ} الآية] أقام ثابت بن قيس في منزله مهمومًا حزينًا مخافة أن يكون حبِط عمله، وكان بدريًّا، فانطلق جاره سعد بن عبادة الأنصاري إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فَأَخْبَرَه بقول ثابت بن قيس بأنه قد حَبِطَ عَمَلُه وهو في الآخرة من الخاسرين وهو في النار. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لسعد: «اذهب، فأخبِره أنك لم تُعنَ بهذه الآية، ولست مِن أهل النار، بل أنت من أهل الجنّة، وغيرك من أهل النار -يعني: عبد الله بن أُبي المنافق-، فاخرج إلينا». فرجع سعد إلى ثابت، فأخبَره بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -، ففرح، وخرج إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - حين رآه: «مرحبًا برجل يزعم أنه من أهل


(١) اسْتَنَّ الفرس: عدا لِمَرحه ونشاطه شوطًا أو شوطين ولا راكب عليه. النهاية (سنن).
(٢) الطِّوَل: الحبل الطويل جدًّا. لسان العرب (طول).
(٣) أخرجه الحاكم ٣/ ٢٦١ (٥٠٣٦) بنحوه، وأخرجه ابن المنذر -كما في الفتح ٦/ ٦٢١ - مختصرا.
قال الهيثمي في المجمع ٩/ ٣٢١ (١٥٧٨٤): «رواه الطبراني، وبنت ثابت بن قيس لم أعرفها، وبقية رجاله رجال الصحيح، والظاهر أن بنت ثابت بن قيس صحابية؛ فإنها قالت: سمعت أبي».

<<  <  ج: ص:  >  >>