[٥٤٢] ذكر ابنُ جرير (٢/ ٦٤٩) اختلاف السلف في تفسير قوله: {وإن كانت لكبيرة} على ثلاثة أقوال: الأول: أنّ المقصود بالكبيرة: التَّوْلية من بيت المقدس إلى البيت الحرام. والثاني: أن المقصود بالكبيرة: هي القبلة بعينها التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوجه إليها من بيت المقدس. والثالث: أن المقصود بالكبيرة: هي الصلاة التي كانوا صلّوها إلى بيت المقدس. وقد رَجَّح ابنُ جرير مستندًا إلى الدلالة العقلية القولَ الأولَ منها؛ أنّ المراد بالكبيرة: هي التولية والتحويلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام. وهو قول ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وعلّل ذلك بقوله: «لأنّ القوم إنما كبُر عليهم تحويل النبي - صلى الله عليه وسلم - وجهه عن القبلة الأولى إلى الأخرى، لا عين القبلة ولا الصلاة؛ لأنّ القبلة الأولى والصلاة قد كانت وهى غير كبيرة عليهم». ثم وجَّه ابنُ جرير (٢/ ٦٤٩) قولَ من قال: إنّ المقصود بالتولية: القبلة الأولى. فقال: «إلا أن يُوَجِّه مُوَجِّهٌ تأنيثَ الكبيرة إلى القبلة، ويقول: اجْتُزِئ بذكر القبلة من ذكر التولية والتحويلة؛ لدلالة الكلام على معنى ذلك، كما قد وصفنا لك في نظائره، فيكون ذلك وجهًا صحيحًا، ومذهبًا مفهومًا».