ووجَّه ابنُ عطية (٨/ ١٠٤) القول الأول بقوله: «و {هَوى} -على هذا القول- يحتمل الغروب، ويحتمل الانكدار». ووجَّه القول الثاني بقوله: «ويجيء {هَوى} -على هذا التأويل- بمعنى: نزل». ثم انتقده -مستندًا إلى اللغة- قائلًا: «وفي هذا الهُوِىِّ بُعْدٌ وتحاملٌ على اللغة». ووجَّه ابنُ القيم (٣/ ٦٤) القول الثاني بقوله: «وعلى هذا فسُمّي القرآن نجمًا لتفرقه في النزول، والعرب تُسمي التفرّق: تنجّمًا، والمفرَّق: نجمًا، ونجوم الكتاب: أقساطها ... وقوله: {هَوى} على هذا القول، أي: نزل من علوّ إلى سفل». ورجَّح ابنُ جرير (٢٢/ ٧) -مستندًا إلى لغة العرب- القول الأول، وهو قول مجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وسفيان، وأحد أقوال ابن عباس، وعلَّل ذلك بأن «العرب تدعوها النجم». ونقل قولًا عن بعض أهل البصرة أن معنى: {والنَّجْمِ}: «والنجوم، ذهب إلى لفظ الواحد وهو في معنى الجميع». ثم انتقده -مستندًا إلى أقوال السلف- قائلًا: «والقول الذي قاله مَن حكينا عنه مِن أهل البصرة قولٌ لا نعلم أحدًا من أهل التأويل قاله، وإن كان له وجْهٌ، فلذلك تركنا القول به». ونقل ابنُ عطية (٨/ ١٠٥) اختلاف المفسرين في معنى «الهُوِيِّ» على القول الثالث، وأنه عند جمهور المفسرين: هوى للغروب. ثم علَّق عليه بقوله: «وهذا هو السابق إلى الفهم من كلام العرب». وعند أبي حمزة اليماني: هوى عند الانكدار في القيامة. ثم وجَّهه بقوله: «فهي بمعنى قوله تعالى: {وإذا الكَواكِبُ انْتَثَرَتْ} [الانفطار: ٢]». ونقل عن ابن عباس -في كتاب الثعلبي-: «هوى في الانقضاض في أثر العفْرِية»، ثم علَّق عليه بقوله: «وهذا القول تساعده اللغة». ثم علَّق على ما سبق بقوله: «والتأويلات في {هَوى} محتملة كلُّها قويةٌ». ونقل ابنُ عطية (٨/ ١٠٤) عن الزهراوي أن المعنى: «وربّ النَّجم». ثم انتقده -مستندًا إلى مخالفة لفظ الآية- قائلًا: «وفي هذا قلق مع لفظ الآية». ونقل ابنُ كثير (١٣/ ٢٤٦) عن الضَّحّاك قوله: «{والنَّجْمِ إذا هَوى} إذا رُمي به الشياطين». ثم علَّق عليه بقوله: «وهذا القول له اتجاه». ونقل ابنُ القيم (٣/ ٦٥) هذا القول عن ابن عباس، فقال: «يعني: النجوم التي تُرمى بها الشياطين إذا سقطت في آثارها عند استراق السمع». ثم رجَّحه -مستندًا إلى دلالة العقل- قائلًا: «وهذا قول الحسن، وهو أظهر الأقوال. ويكون سبحانه قد أقسم بهذه الآية الظاهرة المشاهدة التي نصبها الله -سبحانه- آية وحفظًا للوحي مِن استراق الشياطين له على أن ما أتى به رسوله حقٌّ وصِدق، لا سبيل للشيطان ولا طريق له إليه، بل قد أُحرس بالنجم إذا هوى رصدًا بين يدي الوحي، وحرسًا له، وعلى هذا فالارتباط بين المُقسم به والمُقسم عليه في غاية الظهور، وفي المُقسم به دليل على المُقسم عليه». وانتقد القول الأول والثاني والثالث -مستندًا إلى المعهود من اللغة، والدلالة العقلية- قائلًا: «وليس بالبيِّن تسمية القرآن عند نزوله بالنجم إذا هوى، ولا تسمية نزوله هويًا، ولا عُهد في القرآن ذلك فيُحمل هذا اللفظ عليه، وليس بالبيِّن تخصيص هذا القَسم بالثُّريّا وحدها إذا غابت، وليس بالبيِّن أيضًا القَسم بالنجوم عند انتشارها يوم القيامة، بل هذا مما يُقسم الرّبّ عليه ويدل عليه بآياته، فلا يجعله نفسه دليلًا؛ لعدم ظهوره للمخاطبين، ولا سيما منكرو البعث، فإنه سبحانه إنما استدل بما لا يمكن جحده ولا المكابرة فيه».