للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٣٥٤٣ - قال مقاتل بن سليمان: {الَّذِي وفّى} لله بالبلاغ، وبلَّغ قومه ما أمره الله تعالى (١). (ز)

٧٣٥٤٤ - عن سفيان [الثوري]-من طريق مهران- {وإبراهيم الذي وفى}، قال: بلّغ (٢). (ز)

٧٣٥٤٥ - قال سفيان بن عُيينة: {وإبْراهِيمَ الَّذِي وفّى} أدّى الأمانة (٣). (ز)

٧٣٥٤٦ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {وإبْراهِيمَ الَّذِي وفّى}، قال: وفّى: بلّغ رسالات ربه؛ بلَّغ ما أُرسِل به، كما يُبَلِّغ الرجل ما أرسلته به (٤) [٦٢٩٤]. (ز)


[٦٢٩٤] اختُلف في معنى: {وفّى} في هذه الآية على أقوال: الأول: أنه وفّى بتبليغ هذه الآيات، وهي: {ألّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى}. الثاني: وفّى بما رأى في المنام من ذبح ابنه، وأن قوله: {ألّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى} مِن المؤخَّر الذي معناه التقديم؛ وقالوا: معنى الكلام: أم لم يُنَبَّأ بما في صحف موسى، ألا تزر وازرةٌ وزر أخرى، وبما في صحف إبراهيم الذي وفّى. الثالث: وفّى ربَّه جميع شرائع الإسلام. الرابع: وفّى في كلمات كان يقولها، وهي قوله تعالى: {فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: ١٧]. الخامس: وفّى ربَّه عمل يومه. السادس: أنه عاهد ألا يسأل مخلوقًا شيئًا، فلما قُذف في النار قال له جبريل - عليه السلام -: ألك حاجة؟ فقال: أمّا إليك فلا. فوفّى بما عاهد. السابع: أنه أدّى الأمانة. الثامن: وفّى بما أُمِر به من تبليغ الرسالة. التاسع: وفّى بشأن المناسك.
ورجَّح ابنُ جرير (٢٢/ ٧٨) -مستندًا إلى دلالة العموم- «قول من قال: وفّى جميع شرائع الإسلام، وجميع ما أُمر به من الطاعة». وعلَّل ذلك بقوله: «لأن الله -تعالى ذكره- أخبر عنه أنه وفّى، فعمَّ بالخبر عنه عن توفيته جميع الطاعة، ولم يَخْصُص بعضًا دون بعض».
ونحوه ابنُ عطية (٨/ ١٢٥) مستندًا إلى القرآن، فقال بعد أن ذكر جُلَّ هذه الأقوال: «والأقوى من هذه كلّها القول العامُّ لجميع الطاعات المستوفية لدين الإسلام، فرُوي أنها لم تُفرَض على أحد مُكَمَّلة فوفّاها إلا على إبراهيم ومحمد - صلى الله عليه وسلم -، ومن الحجة لذلك قوله تعالى: {وإذِ ابْتَلى إبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة: ١٢٤]».
وذكر ابنُ كثير (١٣/ ٢٧٨) قول ابن جبير، وقتادة، في كونهما يفيدان العموم، ثم قال: «ويشهد له قوله تعالى: {وإذِ ابْتَلى إبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إمامًا} [البقرة: ١٢٤]، فقام بجميع الأوامر، وترك جميع النواهي، وبلَّغ الرسالة على التمام والكمال، فاستحق بهذا أن يكون للناس إمامًا يُقتَدى به في جميع أحواله وأفعاله وأقواله، قال الله تعالى: {ثُمَّ أوْحَيْنا إلَيْكَ أنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إبْراهِيمَ حَنِيفًا وما كانَ مِنَ المُشْرِكِينَ} [النحل: ١٢٣]».
وعلَّق ابنُ جرير (٢٢/ ٧٨ - ٧٩) على القول الرابع والخامس بقوله: «ولو صحّ الخبران اللذان ذكرناهما أو أحدهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[وهما الحديث الوارد عن أبي أمامة، وحديث معاذ بن أنس] لم نَعْدُ القول به إلى غيره، ولكن في إسنادهما نظرٌ، يجب التثبُّت فيهما من أجله». وانتقد ابنُ جرير القول الأول -مستندًا إلى دلالة ظاهر اللفظ- قائلًا: «فإن قال قائل: فإنه قد خصَّ ذلك بقوله: {وفّى ألّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى} فإنّ ذلك مما أخبر الله -جلَّ ثناؤه- أنه في صُحف موسى وإبراهيم، لا مما خصَّ به الخبر عن أنه وفّى، وأما التَّوْفية فإنها على العموم».

<<  <  ج: ص:  >  >>