للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{تَجْرِيانِ} (١). (١٤/ ١٥٢)

٧٤٥٤٦ - قال مقاتل بن سليمان: {ومِن دُونِهِما} يعني: ومن دون جَنتي المُقرّبين والصِّدّيقين والشهداء في الفضل {جَنَّتانِ} وهما جنة الفردوس، وجنة المأوى (٢). (ز)

٧٤٥٤٧ - قال عبد الملك ابن جُرَيْج: {ومِن دُونِهِما جَنَّتانِ} هن أربع: جنتان للمُقرّبين السابقين، فيهما مِن كلّ من فاكهة زوجان، وجنتان لأصحاب اليمين، فيهما فاكهة ونخل ورمان (٣). (ز)

٧٤٥٤٨ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- {ومِن دُونِهِما جَنَّتانِ}، قال: هما أدنى مِن هاتين لأصحاب اليمين (٤) [٦٤٠٥]. (ز)


[٦٤٠٥] اختُلف في معنى قوله تعالى: {ومن دونهما جنتان} على قولين: الأول: من دونهما في الفَضل. الثاني: من دونهما في الدَّرَج.
وذكر ابنُ عطية (٨/ ١٨١ بتصرف) أنّ «أكثر الناس على التأويل الأول، وهذه استدلالات ليست بقواطع، وأنه رُوي عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنهما - أنه قال: جنتان للمُقرّبين مِن ذهب، وجنتان لأهل اليمين مِن فِضة مما دون الأولَيَيْن».
ورجّح ابنُ القيم (٣/ ١٠١ - ١٠٣ بتصرف) -مستندًا إلى الدلالة العقلية، وظاهر اللفظ والسياق- القول الثاني من وجوه، أهمها ما يلي: الأول: قوله: {ذَواتا أفْنانٍ} وفيه قولان: أحدهما: أنه جمع فَنن، وهو الغُصن. والثاني: أنه جمع فَن، وهو الصنف، أي: ذواتا أصناف شتّى مِن الفواكه وغيرها، ولم يذكر ذلك في اللتين بعدهما. الثاني: قوله: {فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ}، وفي الأخريين: {فيهما عينان نضاختان}، والنَّضّاخة هي الفوّارة، والجارية: السارحة، وهي أحسن مِن الفوارة؛ فإنها تضمن الفوران والجريان. الثالث: أنه قال: {فيهما من كل فاكهة زوجان}، وفي الأخريين: {فيهما فاكهة ونخل ورمان}، ولا ريب أنّ وصف الأُوليين أكمل. الرابع: أنه قال: {متكئين على فرش بطائنها من استبرق}، وهذا تنبيه على فضل الظهائر وخطرها، وفي الأخريين قال: {متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان}، وفسّر الرّفرف بالمحابس والبُسط، وفسّر بالفُرش، وفسّر بالمحابس فوقها، وعلى كلّ قول فلم يصفه بما وصف به فُرش الجنتين الأوليين. الخامس: أنه قال: {وجنى الجنتين دان} أي: قريب وسهل، يتناولونه كيف شاءوا، ولم يذكر ذلك في الأخريين. السادس: أنه قال: {فيهن قاصرات الطرف} أي: قد قَصَرن طَرفهنَ على أزواجهنّ، فلا يرون غيرهم؛ لرضاهنّ بهم، ومحبتهنّ لهم، وذلك يتضمّن قَصرهنّ أطراف أزواجهنّ عليهنّ، فلا يدعهم حُسنهنّ أن ينظروا إلى غيرهنّ، وقال في الأخريين: {حور مقصورات في الخيام}، ومَن قَصرت طرفها على زوجها باختيارها أكمل ممن قَصرت بغيرها. السابع: أنه وصفهنّ بشبَه الياقوت والمرجان في صفاء اللون وإشراقه وحُسنه، ولم يذكر ذلك في التي بعدها. الثامن: أنه قال? في الجنتين الأوليين: {هَلْ جَزاءُ الإحْسانِ إلّا الإحْسانُ}، وهذا يقتضي أنّ أصحابهما مِن أهل الإحسان المطلق الكامل، فكان جزاؤهم بإحسان كامل. التاسع: أنه بدأ بوصف الجنتين الأوليين، وجعلهما جزءًا لِمَن خاف مقامه، وهذا يدل على أنهما أعلى جزاء الخائف لمقامه، فرتّب الجزاء المذكور على الخوف ترتيب المسبب على سببه، ولما كان الخائفون على نوعين مُقرّبين وأصحاب يمين ذكر جنتي المُقرّبين، ثم ذكر جنتي أصحاب اليمين.
وبنحوه قال ابنُ كثير (١٣/ ٣٣٨ - ٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>